وهو باب مهم تكلم عليه القراء والنحويون ومرجعه إلى أصلين تمييز همزة الوصل من همزة القطع وكيفية التلفظ بها حالة الابتداء أو الوصل، أما الأصل الأول وهو تمييزها من همزة القطع فبثلاثة أشياء ضابط جملي فضابط تفصيلى وبتعداد ما همزته همزة وصل في كتاب الله تعالى، أما الضابط الجملي فهو أن نقول كل همز ثبت في الابتداء وسقط في الدَّرْج فهو همز وصل وكل همز ثبت في الابتداء وفي الدرج فهو همز قطع، وأما الضابط التفصيلي فاعلم أن كلام العرب كله نثرا ونظما محصور في ثلاثة أنواع الأسماء والأفعال والحروف فالذي همزته همزة وصل من الأسماء مصادر للفعل الخماسي والسداسي ولها أحد عشر بناء وليست كلها في كتاب الله ولا نتكلم إلا على ما في كتاب الله إذ غرضنا التحرز كل من الخطأ في كتاب الله تعالى فمثال مصادر الخماسي ابتِغاَء واتَبَاعَ وأفْترِآء وَلاَ انْفِصَامَ ومثال مصادر السداسي اسْتَكْبَاراً واسْتِبدَالَ فكذا أسماء محفوظة الموَجود منها في كتاب الله أسْمُ وابنٌْ وَابْنَتَ وَامْرِؤٌ وَامْرَأةٌ واثْتاَنِ وَاثْنَتَا وكل ما عدا هذا من الأسماء فهمزته همزة قطع إذ هو الأصل في الأسماء لتحرك اوايلها غالبا ولا تكون همزة الوَصل إلا في كلمة سكن أولها فيوتي بهمزة الوصل ليتوصل بها إلى النطق بذلك الساكن ولكونه الأصل في الأسماء قالوا إذا سمي بما همزته همزة وصل من الأفعال نحو أنْطَلَقَ وَاستخرجَ تصير همزته همزة قطع أجراء له على نظايره من الأسماء لبعده عن أصله.
وأما ما همزته وصل من الأفعال فمنها للفعل الخماسي والسداسي ولهما تسعة أوَزان وليست كلها في كتاب الله تعالى جل ذكره فمثال الأول اسْتَوَى وافْتَرَى ومثال الثاني اسْتَسْقَى واسْتَيْسَرَ واسْتَمْسَك وكذلك أوامرهما فمثال أمر الخماسي انْتَظِرُوا ومثال أمر السداسي اسْتَغْفِرُوا فإن دخلت همزة الاستفهام على الفعلين الماضين ثبتت مفتوحة وَسقطت همزة الوصل لأنها