للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تدل على الله سبحانه، وتكون شاملة لجميع معانيها، ولكنها إذا أطلقت على المخلوق فلا بد من أن تكون مقيدة بالإضافة، ويكون معناها حينئذ حسب المضاف إليه، فإن أضيفت لما لا يعقل، فتكون بمعنى مالك الشيء وصاحبه، كأن نقول: رب الدين، ورب المال، ورب الإبل، ورب الدار، وإن أضيفت إلى العاقل فتكون بمعنى السيد، ومنه الحديث في علامات الساعة: "حتى تلد الأمة ربتها" أي سيدتها، وفي التنزيل حكاية عن يوسف عليه السلام: {فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا} أي سيده.

وأما استعمالها بمعنى المصلح المربي القائم على الشيء فتطلق على العاقل وغيره، كأن نقول: فلان يرب المزرعة، والغنم والصبي، أي يقوم بشئونهم ويربيهم ويصلح أمرهم ويتعاهدهم.

مما تقدم يتبين لنا أن كلمة الرب لا تطلق إلا على الله تعالى؛ لأنه هو الخالق الرازق المحيي المميت المالك للخلق كلهم، المدبر أمرهم, قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

"والرب هو الذي يربي عبده فيعطيه خلقه ثم يهديه إلى جميع أحواله، من العبادة وغيرها"١.

وقال محمد صديق حسن: "فالرب مصدر رب يربُّ ربًّا فهو رابٌّ، فمعنى قوله: رب العالمين: أي رابّهم، وهو الرب الخالق الموجد لعباده، القائم بتربيتهم وإصلاحهم، المتكفل لهم من خلق ورزق وعافية وإصلاح دين ودنيا"٢ أ. هـ.

ويقول ابن القيم رحمه الله عند تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ, مَلِكِ النَّاسِ, إِلَهِ النَّاسِ} وقدم الربوبية لعمومها وشمولها لكل مربوب.


١ مجموع الفتاوى ١/٢٢.
٢ الدين الخالص ١/١٨.

<<  <   >  >>