للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢- بناء على النقطة السابقة فقد احتج الله بتوحيد الربوبية على المشركين داعيًا الناس عن طريقه لتوحيد الألوهية؛ لأن القادر على الخلق والأمر والتدبير يستحق أن يكون إلهًا يعبد, والعاجز عن ذلك لا يستحق أن يكون إلهًا١, فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ, الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ٢، وقال تعالى: {أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ} ٣، وقال تعالى عن المسيح عليه السلام: {إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ} ٤.

والقرآن مملوء بهذه الآيات التي تدعو لتوحيد العبادة عن طريق الاحتجاج بتوحيد الربوبية المركوز في الفطر، لأنه ما دام أنهم مقرون بربوبيته فينبغي أن يتخذوه إلهًا لهم دون غيره، وإذا كانوا مقرين ببطلان ربوبية ما سواه فإلهية ما سواه باطلة كذلك٥.

٣- توحيد الربوبية والأسماء والصفات وحده لا يكفي لإدخال صاحبه في الإسلام ولا ينقذه من النار ولا يعصم دمه ولا ماله، وهذا كان توحيد العرب ومع ذلك قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم, يقول تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ} ٦، فعن ابن عباس ومجاهد: إيمانهم بالله: قولهم: إن الله


١ انظر التحفة المهدية ٢/٤٧ وصيانة الإنسان ص٤٨٥ ودعوة التوحيد ص٣٥.
٢ سورة البقرة آية ٢١-٢٢.
٣ سورة الأعراف ١٩١.
٤ سورة آل عمران آية ٥١.
٥ انظر مدرج السالكين ١/٤١٢ ومفتاح دارالسعادة ٢/٨.
٦ سورة يوسف آية ١٠٦.

<<  <   >  >>