للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يشفع أحد عند الله إلا بإذنه {مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِه} ١، ويقول تعالى: {وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} ٢.

والمشرك بالإضافة لتعطيل عقله, عنده خلل وعمى في البصيرة بتقربه لغير الله من الآلهة المزعومة وصرفه شتى أنواع القربات لها كالنذور والذبائح وطلب الشفاعة والتوسل بها ودعائها في حوائجه، واعتقاده نفعها وضرها، فيكون قد عطل مواهبه وأذل نفسه, وسخر قواه في خدمة من لا يضر ولا ينفع بل هو مخلوق لأجله مسخر لخدمته, فقال تعالى في حقه: {وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِير} ٤.

إن الموحد لله لا تتوزع طاقاته, ولا تتبدد جهوده ومشاعره بين آلهة شتى, كما وصف الله بذلك المشرك فقال تعالى: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} ٥، فهو دائمًا في تمزق داخلي وعدم استقرار وطمأنينة، لدينونته لآلهة متعددة؛ لأنه لن يبلغ رضاهم جميعًا، وبين الله حالة المشرك هذه بقوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً} ٦، فمثله كمثل العبد المملوك لعدة أشخاص لا يمكنه أن يبلغ رضاهم كلهم, فهو في شقاء دائم لتصارع رغباتهم عليه ومطالبهم منه، بينما الموحد مرتاح الضمير مطمئن البال، لدينونته لإله واحد يعرف ما يطلبه منه وما يرضيه وما يسخطه، فيتجه بكل أشواقه وطاقاته وحاجاته لإله واحد يرجوه


١ سورة يونس آية ٣.
٢ سورة الأنبياء آية ٢٨.
٣ سورة فاطر آية ١٩.
٤ سورة الملك آية ٢٢.
٥ سورة الحج آية ٣١.
٦ سورة الزمر آية ٢٩.

<<  <   >  >>