للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن الناحية الاجتماعية: فكانت حياتهم مليئة بالمآسي والظلم والفواحش، ويقتلون الأولاد خشية الفقر أو العار، ويأكلون الربا، ولا حق عندهم للضعيف كاليتيمات والنساء والرقيق.

ومن الناحية الاقتصادية: فلقد كان الفقر طابَعًا عامًّا لكل الجزيرة إلا بقاعًا محدودة مثل مكة، بفضل ما سخر الله لهم من موسم الحج ورحلتي الشتاء والصيف، وكان المصدر الرئيسي للرزق عندهم الرعي، ويغزون بعضهم للنهب والسلب، وكان قطاع الطريق منتشرين يخيفون الآمنين والمسافرين.

ومن الناحية الداخلية: فقد كانت الحروب الداخلية تستنفد جهودهم وطاقاتهم بسبب التعصب للقبيلة، وكانت تثار الحروب أيامًا وسنين لسبب يسير كنزاع على الشرب والمرعى أو لكلمة طائشة، وشعارهم في ذلك قول زهير بن أبي سلمى:

ومن لم يذِد عن حوضه بسلاحه ... يهدم ومن لا يظلم الناس يظلم

وقول لبيد بن ربيعة:

وهل أنا إلا من غزية إن غوت ... غويت وإن ترشد غزية أرشد

ومن الناحية الخارجية: فقد كان العرب في الجاهلية لا يحسب حسابهم في ميزان القوى، فقد كان عرب المناذرة تحت حكم الفرس، وعرب الغساسنة تحت حكم الروم، وعرب اليمن تحت حكم الحبشة.

وأما حالة شعوب الأرض يومئذ فلم تكن بأحسن حالًا في معظم النواحي من حالة العرب، فكانت اليهودية والنصرانية تعيشان في قلب الجزيرة وخارجها, وقد خيم الشرك والوثنية عليهما وعلى من دان بهما لما حكاه الله تعالى عن اتباع الملتين: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمْ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ, اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ

<<  <   >  >>