للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} ١.

ومما تقدم نرى أن هذا الدليل -دليل الرزق- يقوم على أساس اعتراف المشركين بتوحيد الربوبية، وأن من أقر بوحدانية الرب الرازق أداه إقراره لتوحيد الله في ألوهيته وإخلاص العبادة له وحده لا شريك له، وهذا المعنى وارد في سورة يونس بقوله تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ, فَذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} ٢. والآية الأولى منهما جمعت بين دليل الرزق والملك والخلق والتدبير مبينة إسناد المشركين هذه الأمور إلى الله فكان مقتضى هذا الإسناد أن يتقوا الله {فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُون} قال الطبري: "أي أفلا تخافون عقاب الله على شرككم وادعائكم ربًّا غير من هذه الصفة صفته وعبادتكم معه من لا يرزقكم شيئًا"٣.

إذن يجب عليهم أن يتقوا الله؛ لأن هذا الرب المتفرد بكل خصائص الربوبية هو الله الحق وليس بعد الحق إلا الضلال، وليس غير الله إلهًا حقًّا يستحق الإفراد بالعبادة، فإذا كان هو الحق فادعاء المشركين ألوهية غيره ضلال وذهاب عن الحق٤.

وأما في سورة سبأ فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم يتلقينهم الجواب فقال تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ قُلْ اللَّهُ} ٥، فأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول: الله


١ سورة العنكبوت آية ١٦-١٧.
٢ سورة يونس آية ٣١-٣٢.
٣ انظر تفسير الطبري ١١/١١٣.
٤ انظر تفسير الطبري ١١/١١٣.
٥ سورة سبأ آية ٢٤.

<<  <   >  >>