للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يرزقكم؛ لأنهم يعرفون أن هذا هو الجواب الصحيح وليس عندهم جواب غيره, فتلقينهم الجواب بهذا الشكل فيه تقرير لهم على أنفسهم وإقامة للحجة عليهم، فلو كانوا يعقلون لعبدوا الرازق دون الأصنام.

يقول الزمخشري: "ثم أمره بأن يتولى الإجابة والإقرار عنهم بقوله: يرزقكم الله، وذلك للإشعار بأنهم مقرون بقلوبهم إلا أنهم ربما أبوا أن يتكلموا به؛ لأن الذي تمكن في صدورهم من العناد وحب الشرك قد ألجم أفواههم عن النطق بالحق مع علمهم بصحته، ولأنهم إن تفوهوا بأن الله رازقهم لزمهم أن يقال لهم: فما لكم لا تعبدون من يرزقكم وتؤثرون عليه من لا يقدر على الرزق؟ ألا ترى إلى قوله: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ} حتى قال: {فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ} ثم قال: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ} فكأنهم كانوا يقرون بألسنتهم مرة، ومرة كانوا يتلعثمون عنادًا وإصرارًا وحذرًا من إلزام الحجة"١ انتهى بلفظه.


١ الكشاف ٣/٢٨٨ وانظر تفسير الطبري ٢٢/٩٣.

<<  <   >  >>