نفس ترتيب أبواب كتاب سيبويه في موضوع الممنوع من الصرف فالترتيب الداخلي واحد في الكتابين.
وفي منتصف القرن الرابع الهجري عرفت بغداد ثلاث شخصيات مرموقة من اللغويين والنحويين. لقد عُرف أبو سعيد السيرافي،ت ٣٦٨هـ، بشرحه الكبير لكتاب سيبويه، كما اشتهر الرماني، ت ٣٨٥هـ، بشرحه لكتاب سيبويه أيضا يتفق السيرافي والرماني في إعجابهما بسيبويه والتزامهما بمنهج نحاة البصرة ولكن شرحيهما يختلفان، فقد ذكر السيرافي كثيرًا من الشواهد والآراء النحوية وعرض في كتابه لمعارفه النحوية واللغوية العميقة. أما شرح الرماني فلا يعكس أي اهتمام بالشواهد وآراء النحاة الذين عاشوا بعد سيبويه وكأنه اكتفى بشرح مضمون كتاب سيبويه بطريقة منطقية. ويمتاز شرح السيرافي باهتمامه بموضوعات لم تنل عند معاصريه نفس الاهتمام، فقد خصص السيرافي في آخر شرحه لسيبويه بابًا خاصًا لآراء الكوفيين في الدراسات الصوتية، وهذا الباب هو مصدرنا الوحيد للتعرف على آراء الكوفيين في الأصوات. أما ثالث الثلاثة فهو أبو على الفارسي، ت ٣٧٧هـ، وقد وصلت إلينا كتب كثيرة له منها المسائل الشيرازيات إلى جانب كتابه في علم القراءات "الحجة في القراءات".
لقد تتلمذ أبو الفتح عثمان بن جني، ت ٣٩٢ هـ، على هؤلاء النحاة الأعلام فأصبح أهم نحاة بغداد في عصره. ألف ابن جني كتبًا كثيرة في علوم اللغة منها كتاب "الخصائص" الذي يضم حشدَا من القضايا الصرفية والدلالية والنحوية، وكتاب "سر صناعة الإعراب" لابن جني ليس في الإعراب النحوي بل هو أول كتاب عربي مستقل في الدراسات الصوتية فالإعراب عنده هو الإبانة نطقًا.
بدأت علوم اللغة في مصر والأندلس في القرن الرابع الهجري امتداد لجهود علماء بغداد. لقد درس ابن ولاد، ت ٣٣٢هـ، وأبو جعفر النحاس، ت ٣٣٨هـ، النحو في بغداد على الزجاج وأسسا علم النحو في مصر فابن ولاد أول نحوي