للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجوانب المذكورة، ولكنها اختلفت في تريبها للحروف عن ترتيب الخليل اختلافًا يسيرًا، وهذه المعاجم هي "البارع" للقالي، ت ٣٥٦هـ، و"تهذيب اللغة" للأزهري، ت ٣٧٠هـ، و"المحيط" للصاحب بن عباد، ت ٣٨٥هـ، و"المحكم والمحيط الأعظم" لابن سيده، ت ٤٥٨هـ، وقد ألفت هذه المعاجم في القرنين الرابع والخامس للهجرة في مناطق متباعدة من العالم الإسلامي، فقد ألف القالي معجمه "البارع" في الأندلس وألف ابن سيده معجمه "المحكم والمحيط الأعظم" في الأندلس أيضا ولكن "تهذيب اللغة" للأزهري و"المحيط" للصاحب بن عباد معجمان مشرقيان ألفا في خرسان والري.

وقد اعتمدت كل هذه المعاجم على المادة اللغوية المتاحة في كتاب العين وفي الكتب اللغوية الأخرى وتختلف قيمتها باختلاف مصادرها ومدى اعتماده عليها فقد اعتمد ابن سيده في "المحكم" على مجموعة مصادر منها الكتب اللغوية النحوية وكتب التفسير والحديث، وبهذا اختلف "المحكم" من هذا الجانب عن المعاجم المشابهة، ولكن أهم معاجم الترتيب الصوتي التي وصلت إلينا هو تهذيب اللغة للأزهري فقد وصل إلينا هذا المعجم كاملا بينما لم يصل إلينا من المعاجم التى التزمت بمنهج الخليل إلا قطع منها. ولكن أهم سمة تميز تهذيب اللغة للأزهري عن المعاجم المماثلة أن الأزهري جمع مادة جديدة عن البدو الذين عاش بينهم فترة من الزمن، وقد ذكر الأزهري في مقدمته أنه وقع أسيرًا في أثناء ثورة القرامطة وعاش بين مجموعة من العرب أكثرهم هوازن بعضهم من تميم وأسد، ولا يكاد يقع في منطقتهم لحن أو خطأ فاحش فبقيت في إسارهم دهرًا طويلا واستفدت من مخاطبتهم ومحاورة بعضهم بعضًا ألفاظا جمة ونوادر كثيرة أوقعت أكثرها في مواقعها من الكتاب١، وبهذا يعتبر الأزهري اللغوي الوحيد الذي اهتم في القرن الرابع الهجري بالعمل اللغوي الميداني وكانت حركة جمع اللغة قد توقفت منذ أكثر من قرن.


١ تهذيب اللغة للأزهري ١/ ٧

<<  <   >  >>