العامة السابقة في أنها لم تهدف إلى ألفاظ اللغة عموما أو إلى جمهرة هذه الألفاظ, بل كانت تتناول مجموعة محدودة من الألفاظ وتبحثها من النواحي الدلالية وتصنفها هجائيًّا.
ومن أهم المعاجم الدلالية المؤلفة لألفاظ القرآن الكريم، "المفردات في غريب القرآن" للراغب الأصفهاني، ت ٥٠٢ هـ، يختلف كتاب المفردات عن الجهود السابقة عليه في نفس الموضوع من ناحية الترتيب، فكتاب "مجاز القرآن" لأبي عبيدة معمر بن المثنى، ت ٢٠٩ هـ أو ٢١٣ هـ، يضم بعد مقدمة عامة عن قضايا المجاز تفسيرًا للألفاظ القرآنية من الجوانب الدلالية والصرفية مستشهدًا على ذلك بشواهد من الشعر والأحاديث والأمثال. ولكن "مجاز القرآن" لم يرتب موضوعاته أو ألفاظه ترتيبًا معجميًّا بل جاء بها وفق السور، وشرح أبو عبيدة في إطار كل سورة ما ورد بها من قضايا. وقد ظل هذا المنهج سائدًا عند كثير من المؤلفين الذين بحثوا القضايا الدلالية لألفاظ القرآن الكريم في إطار تفسيرهم للسور، ولذا لا يعتبر جهدهم معجميًّا. نجد هذا أيضا في كتاب "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة، ت ٢٧٦ هـ، لقد ذكر ابن قتيبة في أول كتابه أسماء الله الحسنى، ثم الألفاظ الشائعة في القرآن الكريم، وأخذ يشرح بعد ذلك الكلمات الغريبة مرتبة وفق السور، كان يذكر الآية القرآنية ويشرح ما بها من غريب شرحًا مختصرًا دون إفاضة في تفصيلات صرفية أو نحوية أو دلالية. لا يعد مجاز القرآن لأبي عبيدة ولا تفسير غريب القرآن لابن قتيبة من معاجم مفردات القرآن الكريم، فإنهما وإن تضمنا قضايا دلالية كثيرة إلا أن الكتابين لم يتخذا منهجًا معجميًّا في ترتيب الألفاظ التي شرحت فيهما وبذلك يختلف هذان الكتابان وغيرهما من الكتب عن كتاب المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني، وقد رتب الراغب الأصفهاني مفردات القرآن باعتبار حروفها الأصول ترتيبًا هجائيًّا، واتبع بذلك ما جرت عليه المعاجم العربية العامة من ترتيب الكلمات وفق حروفها الأصول.