للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأول من القرن التاسع عشر كان هدف البحث المقارن التوصل إلى اللغة الأقدم ولذا كان البحث مرتبطًا بالنصوص المدونة، حاولوا بحث النصوص المختلفة التي وصلت إليهم باللغات الهندية الأوربية عبر التاريخ محاولين الوصول عبر أقدم هذه النصوص إلى اللغة الهندية الأوربية الأولى، ولم يكن هناك اهتمام جاد بدراسة اللهجات الحية -أول الأمر- ولكن الباحثين تبينوا بعد ذلك أهمية بحث اللهجات الحديثة في إطار علم اللغة المقارن، أي أنهم بحثوا اللهجات لا باعتبارها هدفا في ذاتها أو موضوعا متكاملا في ذاته، بل باعتبارها أداة توضح جوانب من التاريخ اللغوي القديم أي أنها كانت وسيلة لفهم الماضي١.

ودخل علم اللغة المقارن في النصف الثاني من القرن التاسع عشر مرحلة جديدة خبت فيها الروح الرومانتيكية، ونزع فيها البحث اللغوي إلى العلمية وتطوير المناهج الدقيقة في التصنيف والتفسير واستخراج القوانين الدقيقة على نحو ما فعل الباحثون في العلوم الطبيعية. تأثر علم اللغة في هذه المرحلة بالداروينية تأثرا بعيدا. كان اللغوي شلايشر متخصصًا أيضا في العلوم البيولوجية، أعجب بآراء دارون في تطور الكائنات، وألف في محاولة نقل فكرة التفسير التطوري التاريخي في علم اللغة كتابا بعنوان نظرية دارون وعلم اللغة٢ وقد عد شلايشر نفسه عالما طبيعيا ببحث اللغة لا بوصف مظهرها الخارجي، بل بتأريخ جزئيات ظواهرها وتعليل نشوء هذه الجزئيات بقوانين ثابتة. وإذا كان علماء النبات قد نجحوا في تصنيف النباتات إلى أسرات اعتمادا على بنيتها ومكوناتها ووضعوا بذلك مجموعة من قوانين التغير التاريخي -فإن شلايشر حاول أن يتوسل بهذا المنهج في بحث اللغات. ويعد كتاب شلايشر في النحو المقارن للغات الهندية -


١ انظر: B.E. vidos, hanbbuch, s. ٢٦
وكذلك ص٣٠ وبها إشارة إلى جهود الباحث الإيطالي G..ascoli ١٨٧٣
٢ أهم كتب شلايشر:
A. schleicher. dic darwinische theoric und die sprachwissenschaft. weimar ١٨٦٣

<<  <   >  >>