ومثل هذا التغير الصوتي يفسر في إطار الأساس اللغوي، والمقصود تأثير اللغة الأقدم في اللغة الوافدة١ وقد كان للغة السومرية تأثيرات كثيرة في اللغة الأكادية. لقد انتقلت عدة كلمات من السومرية إلى الأكادية. وانتقل بعضها من الأكادية إلى العبرية والعربية بعد ذلك، وأشهر هذه الكلمات كلمة "هيكل" وأصل هذه الكلمة في السومرية ekallum دون هاء يعني البيت الكبير ثم دخلت منها الأكادية بمعنى البيت الكبير أو القصر أو المعبد ثم انتقلت بالمعنى الأخير إلى العبرية مع إضافة الهاء إلى الآرامية والعربية أي أن الصيغة العربية لهذه الكلمة تبدأ بالهاء التي أضيفت إليها في اللغة العبرية.
وامتد التأثير السومري أيضا إلى بناء الجملة الأكادية فقد كان الفعل السومري يتخذ مكانه في آخر الجملة، بينما يكون الفعل في الجملة السامية في أول الجملة لتكوين الجملة الفعلية أو في وسط الجملة في بعض أنواع الجملة الاسمية، ولكن النصوص النثرية الأكادية تأثرت باللغة السومرية فتحرك الفعل إلى آخر الجملة الأكادية، وكان العشر الأكادي محافظا فاحتفظ بالنمط السامي لبناء الجملة، وبذلك ظل الفعل في مكانه في أول أو وسط الجملة الأكادية.
واللغة الأكادية من أهم اللغات السامية لغويا وحضاريا فالأكادية أقدم لغة سامية دونت، ولذا يعد وجود أية ظاهرة لغوية في الأكادية والعربية دليلا على كون الظاهرة موروثة عن اللغة السامية الأولى، وبذلك نستطيع التأريخ لأقدم الظواهر في العربية عن طريق المقارنة بالأكادية.
عاشت الأكادية أكثر من خمسة وعشرين قرنا، وبعد انهيار الاستقلال السياسي للمنطقة اللغوية الأكادية ودخول العراق في الإمبراطورية الفارسية ظلت
١ يطلق على هذا النوع من التأثير Substrat sub- ,معناها تحت -strata ومعناها طبقة والمقصود بهذا تأثير اللغة الأقدم مثل السومرية في اللغة التي جاءت بعدها في نفس المنطقة وهي الأكادية، وهذا مثل تأثير الآرامية في اللهجات العربية في الشام والعراق وتأثير القبطية في عربية مصر وتأثير الكلتية في اللاتينية الشعبية في فرنسا ... إلخ.