للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلا بالقياس على اللغات الأخرى القريبة من كل واحدة منها. أما اللغات السامية الحية وهي العربية والأرامية واللغات السامية في الحبشة فنستطيع بشكل متفاوت التعرف من طريقة النطق المتوارث عند أبنائها على النطق القديم لهذه اللغات. ويدل وصف الخليل وسيبويه لنطق الأصوات العربية في القرن الثاني الهجري على أن النطق الحالي المتوارث للعربية الفصحى لا يكاد يختلف إلا من جوانب محدودة عن نطقها آنذاك. أما النطق المتوارث للعبرية عند اليهود الشرقيين والآرامية عند العارفين بالسريانية القديمة من مسيحي العراق والشام وللغة الجعز عند العارفين بها من أبناء الحبشة فينبغي أن يؤخذ بتحفظ شديد. فقد تغير نطق هذه اللغات لعوامل كثيرة أهمها أنها لم تعد اللغات الأساسية عند أية مجموعة بشرية منذ قرون. فاللغة العبرية تستخدم عند هؤلاء استخدامًا محدودًا بالطقوس الدينية, أما استخدامها في إطار الصهيونية فقد تأثر تأثراً حاسما بنطق الأوربيين للغة العبرية. وتتحدث الأقليات الآرامية بلهجات تختلف كل واحدة منها عن اللهجات القديمة اختلافا واضحا. ولم يعد للغة الجعز أي استخدام في الحبشة منذ قرون, وهي لغة الطقوس الدينية يقرؤها أبناء الأمهرية متأثرين بالأمهرية, وأبناء لغة التيجري متأثرين بها وكذلك أبناء لغة التيجرينا. ولكنا نستطيع رغم كل هذا التعرف بشكل تقريبي على النطق القديم للعبرية والآرامية ولغة الجعز. وذلك لأن الخطوط التي كتبت بها هذه اللغات تدون الحركات والصوامت.

وبمقارنة الكلمات الأساسية المشتركة في كل اللغات السامية١ يستطيع الباحث أن يتبين مجموعة من السمات المشتركة المغرقة في القدم، فكل اللغات السامية لا تتمايز أو تختلف أي اختلاف من ناحية أصوات الراء واللام والنون والتاء والدال. فالراء العربية يقابلها راء في الأكادية وراء في العبرية وراء في الآرامية وراء في الحبشية دون أدنى تغيير حقيقي، أما اختلاف نطق


١ انظر القائمة التي أعدها برجشتراسر بالألفاظ المشتركة في اللغات السامية:
G. Bergstrasser, Einfuhrung s.١٨٢-١٩٢.

<<  <   >  >>