عند اللغويين المحدثين اسم Vowel Harmony أي التوافق الحركي. وهذه الظاهرة تدخل أيضًا في باب المماثلة، وهي هنا مماثلة حركة لحركة أخرى مماثلة تامة، فنحن نقول في العربية الفصحى: منه، فوقه، تحته، فنجعل الحركة التالية للهاء ضمة، ولكنا نقول: به، عليه، فيه، فنجعل الحركة التالية للهاء كسرة، والضمير هو الضمير، فلماذا حدث هذا الاختلاف؟ ولنقرأ الفصل الذي عنونه سيبويه بقوله: هذا ما تكسر فيه الهاء التي هي علامة الإضمار: "اعلم أن أصلها الضم وبعدها الواو، لأنها في الكلام كله هكذا، إلا أن تدركها هذه العلة التي أذكرها لك. وليس يمنعهم ما أذكره لك أيضًا من أن يخرجوها على الأصل، فالهاء تكسر إذا كان قبلها ياء أو كسرة.. فكما أمالوا الألف في مواضع استخفافًا، كذلك كسروا هذه الهاء.. فالكسرة هنا كالإمالة في الألف لكسرة ما قبلها وما بعدها نحو كلاب وعابد، وذلك قولك: مررت بهِي وَلَدَيْهِي مال ومررت بِدَارِهِي ... وأهل الحجاز يقولون مررت بِهُو قبل، وَلَدَيْهُو مال، ويقرءون "فخسفنا بِهُو وبِدارِهُو الأرض". فإذا لحقت الهاء الميم في علامة الجمع كسرتها كراهية الضمة بعد الكسرة، ألا ترى أنهما لا يلزمان حرفًا أبدًا. فإذا كسرت الميم قلبت ١.
وهذا النص مهم، فسيبويه اعتبر الأصل في ضمير الغائب أن تعقبه ضمة طويلة، وهو يتحدث دائمًا عن الواو في هذا الصدد كما لو كان الضمير مكونًا من هاء تليها واو. وقد حدد سيبويه المواضع التي كسرت فيها هذه الهاء فالهاء تكسر إذا كان قبلها ياء أو كسرة، فهذه الظاهرة إذن من ظواهر المماثلة، ولكنها مماثلة حركة لحركة. عندما نتحدث عن "فيه" فالحركة التي بعد الفاء كسرة طويلة أتت بكسرة بعد الهاء. عندما نناقش كلمة "عليه" فالصوت المزدوج "ay" جعل الضمة كسرة، وهذا أيضا ضرب من التوافق الحركي.