للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتوغلت بعضها في الداخل، وظلوا هناك متميزين لغويًّا عدة قرون حتى العصر المغولي١. ودخلت موجات عربية أخرى إلى إيران عن طريق العراق. وقد تكونت جاليات عربية كبيرة في القرن الثاني الهجري في مناطق مختلفة من إيران. فقد كانت هناك جماعات عربية كثيرة العدد في كاشان وهمذان وأصفهان. بل وكان العنصر العربي سائدًا في منطقة "قم" ولكن أكبر تجمع عربي دخل إلى هذه المناطق استقر في منطقة خراسان، ففي منتصف القرن الأول الهجري هاجر عدة آلاف البصرة إلى خراسان، وعدة آلاف من الكوفة إلى خراسان أيضًا. وتتابعت الهجرات، وزادت نسبة العرب في خراسان، وما نكاد نصل إلى أوائل القرن الثاني الهجري حتى نجد عدد العرب في خراسان يقدر بمائتي ألف٢. لم يعش العرب في خراسان في المدن فحسب، بل عاش بعضهم في الريف الإيراني أيضًا، واختلطوا بصورة متزايدة مع السكان الأصليين.

لقد كان العرب المهاجرون إلى هذه المناطق منتمين إلى قبائل مختلفة، ففيهم عرب من بكر ومن تميم ومن عبد القيس ومن الأزد٣، ولكن استقرار هؤلاء العرب في الريف الإيراني واختلاطهم المتزايد مع أبناء اللغات واللهجات الإيرانية خلق في هذه المناطق ظاهرتين متوازيتين عدة قرون، فقد تعلم كثير من


١ حول العرب وهجراتهم إلى إيران انظر:
A, Christensen, L'Iran sous les sassanides, pp. ٨٧- ١٢٦.
Spuler, Die, Mongolen in Iran, Leipzig ١٩٥٥, ١٤٢- ٤٩
وكذلك المصادر المذكورة في مادة "Arab" في الطبعة الانجليزية الثانية من Encyclopeadia of Islam,
٢ انظر تاريخ الطبري ٢/ ١٩٢٩. وفي عهد قتيبة بن مسلم كان العرب في خراسان على نحو ما وصف البلاذري: "وبخراسان يومئذ من مقاتلة أهل البصرة أربعون ألفًا ومن أهل الكوفة سبعة آلاف ومن الموالي سبعة آلاف"، فتوح البلدان ٥٩٦.
٣ فتوح البلدان ٥٨٤، ٤٠٥

<<  <   >  >>