للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥- العربية هي لغة الدين ولغة القرآن الكريم ولغة العبادات١.

كان تعلم العربية هو أساس العمل في الدواوين وأقبل كثير من غير العرب على هذه الأعمال بعد تعلمهم للعربية وإجادتهم للكتابة بها، مما دفع أقرانهم إلى محاكاتهم، وكان ينظر طوال العصر الأموي إلى إجادة النطق بالعربية على أنها صفة من صفات الأرستقراطية العربية. ولذا كان سادة البيت الأموي يرسلون أبناءهم إلى البادية لينشئوا في جو عربي بدوي وحتى يدرجوا على استخدام العربية على النحو الذي كان معروفًا عند البدو. وكان سادة البيت الأموي يفزعون أشد الفزع عند ملاحظاتهم لبعض الأخطاء اللغوية عند الناشئة من أبنائهم فقد كانوا يعتزون بالعربية في صورتها البدوية اعتزازهم بأصلهم البدوي.

وأقبل كثير من الأعاجم على العربية لا لمجرد التعبير بها تعبيرًا يفي بمطالب الحياة اليومية بل كي يرتفع في المجتمع. فزياد الأعجم -وهو كما يبدو من اسمه من أصل غير عربي– تعلم العربية لينطلق إلى التأليف في الشعر. وكان ينظم الشعر رغم أن نطقه مشوب بلكنة أجنبية، حتى إن أحد الولاة أهداه غلامًا سليم النطق ليقوم بإلقاء شعره٢. وقد كان شعره القديم على النمط القديم حتى إن سيبويه لم يجد غضاضة في الاستشهاد بأبيات من شعره، ويبدو أن ابن قتيبة حين ذكر أن زياد الأعجم كثير اللحن، كان يعني عدم قدرته على التعامل الشفوي بلغة عربية سليمة.

حاولت الطبقات غير العربية في المجتمع الإسلامي تعلم اللغة العربية، فالعربية لغة القرآن الكريم ولغة الصلاة. وقد أدى دخول أكثر سكان المناطق المفتوحة في الإسلام إلى ظهور الرغبة لدى هؤلاء لدراسة القرآن الكريم لفهم أحكام الإسلام وللعمل في ضوئها، ولذا كان الاشتغال بنص القرآن الكريم


١ انظر الدراسة الممتازة التي خصصها يوهان فك J.Fuck لهذا الموضوع في كتابه: "العربية دراسات في اللغة والهجات والأساليب" ص٥٠ وما بعدها.
٢ الأغاني ١٤/ ١٠٢-١٠٣.

<<  <   >  >>