للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حديث الأعراب الفصحاء العقلاء، والعلماء البلغاء"١. وهذا الكلام يعلن موقفًا عاما في القرن الثاني للهجرة.

وقد لاحظ الجاحظ اختلاف لهجات الأمصار الجديدة، وعلل هذا تعليلًا علميًّا سليمًا، فقال بأن الاختلاف يرجع إلى لهجات القبائل الوافدة التي احتك بها واتصل بها السكان الأصليون في تلك المناطق. يقول الجاحظ: "وأهل الأمصار إنما يتكلمون على لغة النازلة فيهم من العرب، ولذلك تجد الاختلاف في ألفاظ أهل الكوفة والبصرة والشام ومصر"٢. فسكان البصرة يستخدمون كلمة "قدر" والجمع "قدور" لأن العرب الذين نزلوا البصرة كانوا يستخدمون الكلمتين، بينما يستعمل أهل مكة كلمة "برمة" والجمع "برام"٣.

وسمى أهل مكة "البيت إذا كان فوق البيت عليَّة" وجمعها "علالِي بينما أطلق عليها أهل البصرة: "الغرفة والجمع: "الغرفات والغرف" ويستخدم أهل مكة كلمة "الكافور" بينما يتحدث أهل البصرة عن الطلع"٤.

وفوق هذا وذاك فإن الجاحظ لاحظ انتشار الألفاظ الفارسية في المدينة والبصرة والكوفة. يقول: "ألا ترى أن أهل المدينة لما نزل فيهم أناس من الفرس، في قديم من الدهر علقوا بألفاظ من ألفاظهم. لذلك يسمون البطيخ "الخربز" ويسمون السميط "الرزدق" ويسمون المصوص "المزوز" ويسمون الشطرنج "الأشترنج"٥.... كما يسجل الجاحظ أيضا أن: أهل البصرة إذا التقت أربع طرق يسمونها مربعة، ويسميها أهل الكوفة الجهار سوك والجهارسوك بالفارسية، ويسمون السوق أو السويقة وازار، والوازار بالفارسية، ويسمون القثاء خيارا، والخيار فارسية"٦.


١ البيان والتبين: ١/ ١٤٥.
٢ البيان: ١/ ١٨.
٣ البيان: ١/ ١٩.
٤ البيان: ١/ ١٩.
٥ البيان: ١/ ١٩.
٦ البيان: ١/ ٢٠.

<<  <   >  >>