سجل الجاحظ بعض العبارات التي استخدمت في لغة الحديث اليومي بين الجيش العربي الفاتح وبين المتعاونين معه من الأمصار المفتوحة، وهذه العبارات على قلتها تعكس صورة من الحياة اللغوية في ذلك العصر، ورغم أنها ممسوخة إلا أنها طريفة. يحكى الجاحظ أن الحجاج قال لأحد تجار الدواب الخراسانيين الذين كانوا يبيعون الدواب للجيش الإسلامي:
الحجاج: أتبيع الدواب المعيبة إلى جند السلطان؟
التاجر: شريكاننا في هوازها، وشريكاننا في مداينها، وكما تيجي تكون.
الحجاج: ما تقول ويلك ...
فقال بعض من كان قد اعتاد سماع الخطأ.... حتى صار يفهم مثل ذلك يقول: شركاؤنا بالأهواز والمدائن يبعثون إليها بهذه الدواب فنحن نبيعها على وجوهها١.
يلاحظ في هذا النص أن الحجاج لم يفهم ما قاله التاجر الخراساني، وهذا أمر لا نستبعده، فمن درج على استخدام اللغة متحدثا وسامعًا وفق نسق معين لا يفهم نفس اللغة إذا استخدمت بطريقة مختلفة عما درج عليه ... اللهم إلا إذا كان لديه مران على فهم هذه اللغة الهجين المختلفة. وإذا نظرنا إلى الجملة التي قالها التاجر نلاحظ أنه استخدم كلمة "شريكاننا" بدلا من "شركاؤنا"، وبذلك لم يعرف المتحدث صيغة الجمع الصحيحة "شركاء"، وهي صيغة جمع تكسير. وجمع التكسير ذو صيغ متعددة في العربية، ولذا كان صعبًا عليه. ولكنه لم يجمع هذه الكلمة على نحو عربي، بل أضاف علامة الجمع في الفارسية "آن"، وبذلك نشأت هذه الصيغة الهجين، كلمة عربية ونهاية جمع فارسية. نلاحظ أيضًا في الجملة التي قالها التاجر استخدام النسبة إلى الأهواز بأن قال:"هوازها" على نحو لم تعرفه العربية، والجملة مختصرة اختصارًا شديدًا لا تكاد تمضي على