للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النسق الذي عرفته لغة الشعر الجاهلي والقرآن الكريم.

سجل الجاحظ أيضا عبارة مشابهة، يقول الجاحظ: "وقلت لخادم لي: في أي صناعة أسلموا هذا الغلام؟ قال أصحاب سند نعال. يريد في أصحاب النعال السندية"١. نلاحظ هنا التعبير المركب "سند نعال" بدلا من التعبير العربي النعال السندية أو نعال السند، والعربية لا تعرف هذه التعبيرات المركبة وإنما تعبر عن هذا المعنى بالموصوف والصفة أوالمضاف والمضاف إليه. ولكن بعض اللغات الهندية الأوروبية، والفارسية لغة منها تعرف التعبيرات المركبة. وواضح أن مستخدم التعبير "سند نعال" متأثر بالأساس اللغوي الفارسي.

ويلاحظ الجاحظ أن هذه العبارة الغريبة عن الذوق العربي لم تكن سهلة الفهم على من لم يعتد سماع مثل هذا ويمضي الجاحظ فيقول: "ومن لم يفهم هذا لم يفهم قولهم: ذهبت إلى أبو زيد، ورأيت أبي عمرو، ومتى وجد النحويون أعرابيًّا يفهم هذا وأشباهه بهرجوه ولم يسمعوا منه؛ لأن ذلك يدل على طول إقامته في الدار التي تفسد اللغة وتنقص البيان"٢.

ومن الطريف أن نجد عند الجاحظ ملاحظات قيمة عن أثر الأساس اللغوي في نطق متعلمي العربية من الشعوب المفتوحة. يقول الجاحظ: "وقد يتكلم المغلاق الذي نشأ في سواد الكوفة بالعربية المعروفة، وقد يكون لفظة متخيرًا فاخرًا، ومعناه شريفًا كريمًا، ويعلم مع ذلك السامع من الكلام ومخارج حروفه أنه نبطي. وكذلك إذا تكلم الخراساني على هذه الصفة فإنك تعرف من إعرابه وتخير ألفاظه في مخرج كلامه أنه خراساني، وكذلك إن كان من كتاب الأهواز. ومع هذا فإنا نجد الحاكية من الناس من يحكي ألفاظ سكان اليمن مع مخارج كلامهم لا يغادر من ذلك شيئًا، وكذلك تكون حكايته للخراساني،


١ البيان: ١/ ١٦٢.
٢ البيان: ١/ ١٦٢–١٩٦٣.

<<  <   >  >>