للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صوتية في أي لغة محل صورة صوتية أخرى لنفس الوحدة الصوتية لا يغير المعنى، فلم يكن المتحدث بالآرامية يجد فرقًا في المعنى بين استخدام الدال محل الذال أو الذال محل الدال.

ويطلق الجاحظ على هذه الظاهرة ظاهرة عدم قدرة المستعربين على النطق بالأصوات العربية اسم: اللكنة، بضم اللام. يقول الجاحظ: "ويقال في لسانه لكنة إذا أدخل بعض حروف العجم في حروف العرب وجذبت لسانه العادة الأولى إلى المخرج الأول"١.

فاصطلاح اللكنة محدد بهذا النوع من الخطأ في النطق، واللكنة أثر مباشر للأساس اللغوي وكل الأصوات العربية التي لم تعرفها لغات الأساس اللغوي تشكل نوعًا من الصعوبة وتنطق بلكنة.

ينبغي أن نقف قليلًا عند المصطلحات الأخرى المعبرة عن العجز في الأداء النطقي عند الجاحظ. أهم هذه المصطلحات الحبسة والحكلة واللثغة، وكلها بوزن فُعْلَة، بضم الفاء. يقول الجاحظ: ويقال في لسانه حُبْسَة إذا كان الكلام يثقل عليه ولم يبلغ حد الفأفاء والتمتام.... وإذا قالوا في لسانه حكلة فإنما يذهبون إلى نقصان آلة المنطق"٢. ويعني الجاحظ بكل من الحبسة والحكلة عيبين من عيوب النطق على المستوى الفردي، وينبغي أن نذكر أن كليهما مرتبط بالظروف الخاصة للفرد ويخرج عن نطاق البحث في اللغة كنظام إلى البحث في اللغة كظاهرة نفسية، أي أن دراسة اللكنة والحبسة ليست من البحث في اللغة كظاهرة نفسية، أي أن دراسة اللكنة والحبسة ليست من البحث في علم اللغة بل هما من علم النفس اللغوي وعلم الأصوات العلاجي. فعلم اللغة يعني باللغة كظاهرة اجتماعية، ولا يهتم بالاختلافات الفردية إلا إذا أصبحت سارية المفعول في المجتمع. معنى الحبسة عند الجاحظ عدم السلاسة في النطق، ومعنى الحكلة عدم اكتمال العادات الصوتية وعدم قدرة الجهاز الصوتي، أو كما يقول الجاحظ "نقصان آلة المنطق" عن النطق الواضح المبين.


١ البيان: ١/ ٣٩–٤٠.
٢ البيان: ١/ ٤٠.

<<  <   >  >>