القبائل العربية قد تجاوز حدود النوبة جنوبًا، يقول ابن خلدون:"وبالصعيد الأعلى من أسوان وما وراءها إلى أرض النوبة إلى بلاد الحبشة قبائل متعددة وأحياء متفرقة، كلهم من جهينة -إحدى بطون قضاعة- ملئوا تلك القفار وغلبوا النوبة على مواطنهم وملكهم، وزاحموا الحبشة في بلادهم وشاركوهم في أطرافها١". والواقع أن هجرة بطون كثيرة من جهينة إلى السودان كانت قد تمت في عصر ابن خلدون، ولا تزال آثار هذه الهجرات واضحة في السودان العربي، فالتجمعات البشرية المسماة باسم: رفاعة والكبابيش ودار حامد والبقارة في كوردفان ودارفور والمناطق الغربية تنسب نفسها إلى جهينة. وينبغي أن نوضح هنا أن هذه التجمعات البشرية إنما نتجت عن الاختلاط بين العرب المهاجرين والسكان الأقدم. وهذه أيضًا حال التجمع البشري العربي الثاني في السودان، ويطلق عليهم اسم "الجعليين"، وهؤلاء الجعليون منتشرون في المنطقة الممتدة من الحبشة إلى تشاد، وهكذا كان تعريب السودان مرتبطًا بالهجرات الوافدة عبر مصر، ولم يتضح بعد دور الهجرات عبر مضيق باب المندب والتي تفترض أنها أمدت السودات كذلك بدماء عربية ولسان عربي، ولكنا لا نستطيع القول بالرأي في هذا لنقص المصادر.