للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العرب في المنطقة فحال دون تعريبها. واستمرت مملكة النوبة في عزلتها عن العربية حتى أن ابن سليم الأسواني الذي زار النوبة سنة ٣٦٥هـ لاحظ أن العرب الذين اختلطوا بالنوبة، قد تعلموا النوبية وكادوا ينسون العربية. واستمرت الحال في النوبة على هذا النحو إلى أن تحولت إلى منطقة تابعة لمصر في القرن الثالث عشر الميلادي على أثر خلاف على عرش مملكة النوبة أدى بنفوذ القاهرة إلى تعيين حاكم من الكنوز المتعربين. ويبدو أن تحول النوبة إلى الإسلام كان بطيئًا، ففي القرن الرابع عشر ذكر ابن بطوطة١ أن حاكمهم مسلم وأنهم مسيحيون.

أما تعريب المناطق الواقعة بين وادي النيل والبحر الأحمر فقد زاد، إذ اهتم الفاطميون بتحويل التجارة إلى البحر الأحمر كي ينافسوا العباسيين، فازدهرت المحطات التجارية على الساحل السوداني للبحر الأحمر، وازدهر كذلك ثغر عيذاب. وبعد تخلص المماليك من الاحتلال الصليبي في الشام عادت التجارة إلى طريقها القديم. كانت الحركة التجارية قد دفعت بكثير من العرب إلى منطقة ساحل البحر الأحمر فأسهموا في تعريبها، وعندما كسدت الحركة التجارية عبر البحر الأحمر أخذوا يسلبون العابرين، وكان أن انقضوا على ركب يمني قادم إلى مصر يحمل هدايا لسلطان المماليك، فتحرك جيش السلطان وهزم هؤلاء البدو في معركة أسوان سنة ٧٥٤هـ، فهرب بعضهم مهاجرًا إلى السودان وهنا حدثت خلخلة بشرية في هذه المنطقة جعلت السلطان يعمل على نقل الهوارة –وسيأتي ذكرهم- إلى المنطقة.

وفي النصف الثاني من القرن الرابع عشر الميلادي كان عدد كبير من


١ رحلة ابن بطوطة ص٦٨.

<<  <   >  >>