للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العرب لم يوطنوا المغرب، ثم إنهم دخلوا إليه في منتصف المائة الخامسة وأوطنوه، وافترقوا بأحيائهم وحللهم في جهانة١". والعبارتان تحملان قدرًا من التعميم الذي لا تبرره القرائن التاريخية التي نستقي بعضها من كتابات ابن خلدون نفسه، وعنصر التعميم هنا نفي ابن خلدون وجود تعريب في المغرب قبل الهجرة الهلالية.

وقد لاحظ اللغوي الفرنسي وليام مارسيه وجود مجموعتين اثنتين من اللهجات العربية في المغرب٢ فالمدن الساحلية مثل القيروان وتونس وتلمسان وفاس تختلف في لهجاتها -وهي متشابهةمتقاربة- عن لهجات البدو والمناطق الريفية ومنخضات برقة وجنوب تونس والريف الجزائري وجنوب المغرب والسواحل الجنوبية. وبهذا تنقسم لهجات المغرب إلى مجموعتين متميزتين، تمثل كل مجموعة منهما مرحلة بعينها من مرحلتي تعريب المغرب. فالمجموعة الأولى وريث اللغة المشتركة التي تكونت في القرون الثاني والثالث والرابع للهجرة مع قيام المدن العربية في المغرب، والمجموعة الثانية وريث لهجات بني هلال وبني سليم.

المجموعة الأولى -في المقام الأول- لهجات مدن، ويدعم هذا قول ابن خلدون عن عرب الفتح في المغرب: "إن الملك الذي حصل لهم يمنعهم من سكنى الضاحية ويعدل بهم إلى المدن والأمصار". وينبغي أن نلاحظ هنا أن هذه المجموعة من اللهجات تضم كذلك عددًا من اللهجات التي أثبتتها الدراسات الميدانية الحديثة للمناطق الزراعية التالية: الساحل التونسي، المنطقة الساحلية شمال قسطنطينة، ومنطقة تراره شمال قسطنطينة، وكذلك مرتفعات


١ المرجع السابق ٦/ ٢٧.
٢ انظر البحث التالي: W. Marcais, Comment Lafrique du Nord s'est arabisee, dans amales de lInst. Det. Orient. Facult, Lettres d'alger ١٩٣٨, t. IV".

<<  <   >  >>