جبالة في شمال فارس، وكل هذه اللهجات تكون مجموعة واحدة تتفق في عدد من الخصائص التي تميزها عن اللهجات العربية الأخرى في المغرب. فالمجموعة الأولى أقدم من المجموعة الثانية، يتضح هذا من كثرة الألفاظ البربرية بها، كما يتضح من أثر اللغة البربرية في هذه اللهجات.
إن هذه اللهجات كانت في القرون الأولى جزرًا لغوية عربية في منطقة تحيط بها لهجات بربرية مختلفة.
ومع هذا فقد تم في وقت مبكر تعريب قسم من البربر، فلا شك أن التعامل بالعربية مع مراكز الحكم جعل بعض البربر المحيطين بتلك المراكز يقبلون على تعلم العربية، وليس صحيحًا أن المناطق التي تعربت قبل الموجة الهلالية في القرن الحادي عشر الميلادي كانت تضم عرب الفتح وحدهم، فالبربر الذين بادروا إلى الإسلام وانتظموا في جيوش الفتح الإسلامي الزاحف إلى الأندلس اختلطوا بالعرب وتزاوجوا معهم، فاتخذت كثرة من الأسر الإسلامية الجديدة أنسابًا عربية ليدخلوا في الأرستقراطية الحاكمة. وبعد تأسيس مدينة فاس سنة ١٩٣هـ أصبحت هذه المدينة مركزًا للعرب والمتعربين في المغرب ولمن اضطروا لهجر الأندلس أو تونس في الظروف السياسية المضطربة.
وفي نفس الوقت كانت العلاقات بين الأندلس والمغرب الأقصى تدعم مكانة العربية باعتبارها لغة التعامل المشتركة فضلا عن كونها لغة القرآن الكريم، وبذلك أسهمت هذه العلاقات في تعريب المنطقة. وقد لاحظ الباحثون تشابه ما عرف عن اللهجات العربية في أسبانيا والاستخدام اللغوي في هذه المدن المغربية الأولى.
أما المجموعة الثانية من اللهجات العربية في المغرب فهي لهجات تتحدث بها مجموعات بشرية تنتسب إلى بني هلال وبني سليم. ومعروف أن هجرة بني هلال وبني سليم على المغرب "تغريبة بني هلال" أحدثت أكبر تحول بشري عرفته المنطقة في العصور الوسطى. وينبغي أن نقف قليلا لنتابع ظروف تحركاتهم وخط