للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سيرهم، فقد دخل الهلاليون مصر الفاطمية بدعوة من حكامها وعاشوا في الصعيد حياة بدوية، الغزو أحد مقوماتها "فعم ضررهم، وأحرق البلاد والدولة شررهم". وما لبث الفاطميون أن فكروا في دفعهم إلى المغرب ليقفوا في وجه البربر من صنهاجة الذين ثاروا على التبعية للفاطميين. وفي هذا يقول ابن خلدون: "دفعهم إلى حرب صنهاجة، ليكونوا عند نصر الشيعة والسبب في الدفاع عن الدولة، فإن صدقت المخيلة في ظفرهم بالمعز وصنهاجة كانوا أولياء للدعوة وعمالا بتلك القاصية، وارتفع عدوانهم عن ساحة الخلافة، وإن كانت الأخرى فلها ما بعدها"١. وترغيبًا لبني هلال في دخول المغرب "وصل عامتهم بعير ودينار لكل منهم، وأباح لهم إجازة النيل، وقال لهم أعطيتكم المغرب وملك المعز بن بلكين الصنهاجي العبد الآبق فلا تفتقرون"٢. وهكذا تحركت بطون كثيرة من بني هلال متجهين إلى المغرب العربي، وفي هذا يقول ابن خلدون: "سارت ... جميع بطون هلال إلى أفريقية كالجراد المنتشر لا يمرون بشيء إلا أتوا عليه حتى وصلوا أفريقية سنة ثلاث وأربعين "٤٤٣هـ"٣. وهكذا بدأت "تغريبة بني هلال" وبدأت بذلك سلسلة طويلة من الصدام والصراع بين الغازين وأبناء المنطقة. وقد اهتم ابن خلدون بهذه الموجة، واستخدم مصطلح "عرب الفتح" للدلالة على الموجة العربية الأولى التي دخلت المغرب، فهو يقول: "ولما تزاحم الفريقان انخذل بقية عرب الفتح وتحيزوا للهلالية للعصبية القديمة، وخانته زناتة وصنهاجة وكانت الهزيمة على المعز"٤، وهكذا دخل بنو هلال وبنو سليم المغرب.

وبعد فترة سادها الصدام البدوي المعتاد والغزوات المتجددة، لاحظ الهلالية والبربر أن نمط حياتهم ومثلهم متشابهة متماثلة، وفي هذا يقول ابن خلدون:


١ ابن خلدون ٦/ ٣٠.
٢ المرجع السابق ٦/ ٣٠–٣١.
٣ المرجع السابق ٦/ ٣١.
٤ المرجع السابق ٦/ ٣٢.

<<  <   >  >>