للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البربر "أشبه الخلق بالعرب" فالبداوة ليست ظاهرة عربية ينفرد بها العرب، وما زلنا نعرف إلى اليوم بدوًا من البربر في المغرب، بل ويعتبر الطوارج "بجيم مصرية" أكثر البربر تبديا، وهم لا يمتون بصلة مباشرة إلى العرب، فهم لا يستخدمون في التعامل اليومي المحلي البربرية.

كان البربر والعرب الغازون يمثلون نمطًا من أنماط الحياة يقوم على الرعي، ويدور داخل القبيلة، ويحتفل بالدم والأنساب. وأدى هذا التشابه إلى الاندماج بين العرب والبربر. وكان من الممكن أن يؤدي هذا الاندماج إلى ذوبان العرب في البربر لولا أن اللقاء كان في إطار الإسلام والحضارة العربية الإسلامية وبذا كان هذا الإندماج مشجعًا على تعريب أكثر البربر في المغرب.

ونستطيع تتبع مراحل التعريب في ضوء ما كتبه المؤرخ ابن خلدون في القرن الرابع عشر الميلادي، فهو يصور لنا ثلاثة قرون من الانتقال المكاني والاندماج البشري والتحول اللغوي في المغرب.

لقد صور ابن خلدون انتشار العرب في المغرب قبل تغريبة بني هلال قائلًا: "إن آخر مواطن العرب كانت برقة، وكان فيها بنو قرة بن هلال بن عامر.... ولما أجاز بنو هلال وسليم إلى المغرب خالطوهم في تلك المواطن، ثم ارتحلوا معهم إلى المغرب.... وبقي في مواطنهم لهذا العهد -القرن الرابع عشر الميلادي- أحياء بن جعفر"١. ومضت تحركات الهلالية وزاد اندماجهم لا مع عرب الفتح فحسب، بل مع البربر كذلك. ويهمنا هنا أن كثيرًا من القبائل البربرية قد تعربت بين القرنين الحادي عشر عندما دخل الهلالية، والرابع عشر عندما دون ابن خلدون كتابة: العبر. لقد تعربت قبائل بربرية كثيرة، فقبيلة كتامة من قبائل البربر٢ ولكنها كانت قد تعربت باندماج أهلها مع بني


١ المرجع السابق ٦/ ٨ -٩.
٢ جمهرة أنساب العرب لابن حزم ص٥١.

<<  <   >  >>