للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سليم، وأخذ التجمع البشري الناتج ينتسب إلى بني سليم، وفي هذا يقول ابن خلدون: وهم ينتفون من نسب كتامة ويفرون منه لما وقع من أربعمائة سنة من النكير على كتامة بانتحال الرافضة وعداوة الدول بعدهم فيتفادون الانتساب إليهم، وربما انتسبوا في سليم من قبل مضر، وليس بصحيح"١.

وذكر ابن خلدون بطونًا أخرى، كانت بربرية ثم اختلطت وتعربت فنسبت نفسها إلى العرب٢. ومن أهم الأمثلة الدالة على تعريب قبائل من البربر بين القرنين الحادي عشر والرابع عشر تعربًا كاملًا ما دونه ابن خلدون عن الهوارة٣، فهذه القبيلة الكبرى كانت من بطون البرانس، يتفق في هذا نسابة البربر والعرب، وكانت مواطنهم في القرن العاشر الميلادي -كما نقل ابن خلدون عن البكري- بنواحي طرابلس وما يليها من برقة٤، ولكنهم اختلطوا أول الأمر ببعض الهذليين الذين "جاءوا من مواطنهم بالحجاز مع العرب الهلاليين عند دخولهم إلى المغرب، واختلطوا بهوارة وحطوا في عدادهم"٥. ويبدو أن اشتغالهم بالتجارة مع بلاد السودان عبر الصحراء ومع الإسكندرية عبر الساحل جعلهم ينتشرون في منطقة واسعة ويختلطون ببني سليم. وكانت بطون من بني سليم تعمر المنطقة الممتدة من الإسكندرية إلى برقة، وبمضي الوقت اندمج الهوارة في بني سليم فأصبحت منازلهم جميعًا بين برقة والإسكندرية، وما نكاد نصل إلى القرن الرابع عشر الميلادي حتى نجد الهوارة "صاروا في عداد الناجعة -عرب بني سليم- في اللغة والزي وسكنى الخيام وركوب الخيل والإبل وممارسة الحروب وإيلاف الرحلتين في الشتاء والصيف في تلولهم، قد نسوا رطانة البربر واستبدلوها بفصاحة العرب، فلا يكاد يفرق


١ ابن خلدون ٦/ ٣٠٤
٢ المرجع السابق ٦/ ٣٨٠.
٣ جمهرة أنساب العرب لابن حزم ٥٠٠.
٤ ابن خلدون ٦/ ٢٨٤.
٥ المرجع السابق ٦/ ٢٨٩.

<<  <   >  >>