للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اثنين وثمانين وسبعمائة تخمينًا"١، وهكذا دخلت مصر عدة قبائل عربية اللغة بربرية الأصل، فأسهمت في تعريب مصر بعد أن عربهم بنو سليم وبنو هلال في تغريبتهم بعد خروجهم من مصر.

ولننظر بعد هذا فيما كتبه ابن خلدون عن قبائل البربر المقيمين في المغرب في عصره، فنلاحظ مع الباحثين أن عددًا من القبائل البربرية التي ذكرها ابن خلدون في المغرب الأقصى والأوسط قد تعربت، فقبيلة زناتة البربرية٢ كانت في عصر ابن خلدون قبيلة بربرية كبيرة، يقول: "وشعارهم بين البربر اللغة التي يتراطنون بها، وهي مشتهرة بنوعها عن سائر رطانة البربر، ومواطنهم في سائر مواطن البربر بأفريقية والمغرب"٣، ولكن أين هم اليوم؟ لقد ظهرت في المنطقة تجمعات بشرية جديدة تنسب نفسها جميعًا إلى بني هلال وبني سليم وتتوسل بالعربية، ولو سلمنا بأنهم جميعًا من أحفاد الهلالية والسليمية لتصورنا المنطقة كانت خالية قبل التغريبة. والأدنى إلى الصواب أن نقول بأن هؤلاء البربر، ومنهم القبيلة العظيمة زناتة قد تزاوجوا مع العرب، فتعربوا كما تعربت هوارة ولواته قبل ذلك، وبذلك تغيرت الصورة اللغوية للمغرب، فأصبحت، ربوعه –بعض النظر عن الجزر اللغوية البربرية- عربية اللسان.

وختامًا لا بد أن نشير إلى أن المصادر التي ترسم لنا مراحل التعريب بعد القرن الخامس عشر لم تر النور بعد، وربما تكون المخطوطات العربية المغربية حافلة بمعلومات في هذا. غير أنا نود أن نوضح أن أكثر التنظيمات العشائرية هناك إنما ترجع على الأرجح إلى فترة الحكم التركي، وهي لا تنسب نفسها إلى زناته أو لواته، بل هي أولاد سيدي.... واليوم لا نجد التوزيع القديم، ولا نجد


١ المرجع السابق ٥٨.
٢ جمهرة أنساب العرب لا بن حزم ٤٩٥.
٣ ابن خلدون ٧/ ٣ وكذلك ٧/ ١٣–١٤.

<<  <   >  >>