للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على نحو يجعل للعربية درجة من الانتشار في كل المناطق الإفريقية التي تضم جماعات إسلامية، ولنحاول أن نوضح هذا بأمثلة من بعض المناطق الإفريقية هذا ولا يجوز اعتبار كل منطقة إسلامية منطقة عربية إذ مدى المعرفة بالعربية يرتبط بالعلاقات الأثنية للمسلمين، فالمسلمون في اتحاد جنوب إفريقيا مثلا يكونون مجموعة أثنية متميزة، فمعظمهم من الملايو وأندونيسيا، وقدر عددهم في إحصاء سنة ١٩٥١ بـ٦٣ ألفا بجانب قلة من أصول عربية، يتحدث هؤلاء عن اللهجة الجرمانية التي حملها المستعمرون الجرمان معهم إلى جنوب إفريقيا، غير أن الاستخدام اللغوي للغة الأفريكانز عند المسلمين به عناصر من اللغة العربية لم يأخذوها عن العربية مباشرة بل عبر لغة الملايو. كان هؤلاء المسلمون يلتقون لاستخدامها لغة الملايو المكتوبة بالخط العربي١.

ومنذ عدة حقب ظهرت لهم كتب دينية أحلت لغة الأفريكانز محل لغة الملايو في المجالات الدينية، فقديمًا طبعوا كتبهم الدينية كترجمات مالاوية لكتب عربية وهناك كتب كثيرة طبع فيها النصان متوازيين، واليوم أحلوا الأفريكانز محل الملايوية، وأخذوا يكتبون لغة الأفريكانز لا بالحروف اللاتينية كما يفعل المسيحيون بل بالحروف العربية.

فهؤلاء مسلمون يكتبون بالخط العربي، ولكنهم لا يكادون يعرفون من العربية إلا ما تسرب منها عبر الملايوية من مصطلحات دينية.

فالمصادر العربية تشير كثيرًا إلى "مالي" و "ملك مالي"، فابن خلدون يحدثنا عن "ملك مالي أعظم ملوك السودان"٢، وكلمة السودان عند ابن خلدون لا تعني دولة السودان بحدودها الجغرافية التي نعرفها اليوم، بل تدل على


١ انظر: H> Kahler, Studien zur arabisch-afrikansen Literature, der Islam ١٩٦١" s ١٠١- ١٢١.
٢ انظر: ٧/ ٥٥٤.

<<  <   >  >>