للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إياها بنفس المادة في معجم دوزي١، والمعروف أن كل المادة التي في لسان العرب المؤلف في القرن السابع الهجري قد أخذت من معاجم سبق تأليفها في مراحل سابقة، وهذه المعاجم أخذت مادتها بدورها من الرسائل اللغوية التي أثمرت عنها حركة جمع اللغة في البادية في أواخر القرن الأول وعلى امتداد القرن الثاني وأوائل القرن الثالث. والاستثناء الوحيد هنا هو ما أخذه صاحب لسان العرب من معجم تهذيب اللغة للأزهري، فقد سجل الأزهري بنفسه في القرن الرابع الهجري مادة لغوية في البادية. إن مادة اللسان إذن مادة بدوية وجلها يرجع إلى القرن الثاني الهجري، فماذا تفعل الحضارة العربية الإسلامية والعلوم الناشئة والمجتمع الحضري في العراق والشام ومصر والمغرب والأندلس بهذا المعجم البدوي الذي يعرف للجمل أكثر من مائة اسم، وماذا يفعل المفكر الأندلسي بمائة اسم للأسد؟.

لقد نشأت كلمات جديدة مع الضرورات الحضارية الجديدة، ولولا هذه التجديدات لما عرفنا الحضارة العربية الإسلامية في أبعادها المأثورة. وعندما حاول المستشرقون الأوربيون قراءة التراث العربي الإسلامي لم يسعفهم لسان العرب في الفهم الدقيق للكلمات وطال تفكيرهم، وحاولوا بالمقارنة فهم السياق حتى عرفوا المقصود معرفة تصيب أحيانا وتجافي الصواب أحيانا. وهنا ظهرت الحاجة إلى تأليف معجم مكمل للمعاجم العربية، وقام المستشرق دوزي بعمل هذا المعجم. ومن الطريف هنا أن نقارن مادة من المواد في اللسان كمثل للغة البادية بما جمعه دوزي كنموذج للكلمات التي استخدمت في عصر الحضارة العربية الإسلامية. وكي نكمل الصورة لننظر في المعجم القيم الذي ألفه عالم هندي جليل في القرن الثالث عشر الهجري هو التهانوي، وهذا المعجم هو كشاف اصطلاحات الفنون.

لقد أمدت اللغة البدوية مجتمع الحضارة الإسلامية بالمواد اللغوية المختلفة


١ Dozy: Supplement aux Dictionaires arabe, I. II. Leiden/ Paris ١٨٨١.

<<  <   >  >>