للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونعنى بالمواد هنا الحروف الأصول، وأمدت أيضًا بعدد من القوالب أو الأوزان ولكنها لم تكن بحاجة إلى استخدام جميع الأوزان من كل كلمة، فمثلا وزن انفعل من المادة جمع أي: انجمع. لم يرد في لسان العرب ولكنه استخدم في الأندلس الإسلامية. يقول المقري: "انجمعت عن كل النفوس".

الأوزان: أفعال وافعوعل أو افعنلل أو افعنلي وغيرها من الأوزان النادرة لم ترد أيضا من المادة "جمع"، ولكن القضية ليست فقط قضية وجود الكلمة، فالكلمة كرمز صوتي لا قيمة لها دون استخدام، والمعنى هو العنصر الثاني بعد وجود الرمز، فالرمز اللغوي لا يكون رمزًا إلا إذا كان له معنى، وسنحاول فيما يأتي تتبع تطور بعض الألفاظ التي تدخل في مادة "جمع".

لقد عرف لسان العرب كلمة "جمع" أنها نتيجة ضم شيء إلى شيء، أو أنها مرادف لكلمة جماعة من الناس، والجمع أيضًا هم القوم المجتمعون، والجمع فوق هذا وذاك: الأشتات من التمر. ولكن العلوم العربية الإسلامية استخدمت كلمة الجمع كاصطلاح، وكل علم عرف لهذا الاصطلاح معناه، يوضح هذا لنا كتاب التهانوي كشاف اصطلاحات الفنون١، فالجمع عند المحاسبين هو زيادة عدد على عدد آخر، أي أننا إذا أضفنا ٥+ ٦ = ١١ لكان هذا جمعًا. ولو أضفنا ٥+ ٥ = ١٠ لكان عنده تضعيفًا. ويذكر التهانوي أيضًا الجمع عند علماء أصول الفقه: وهؤلاء هم المهتمون بالقضايا المنهجية للفقه الإسلامي، فالجمع عندهم: أن يجمع بين الأصل والفرع لعلة مشتركة بينهما ليصح القياس". وأما الجمع عند النحويين فله معانيه وصوره المختلفة، ونفس المصطلح تجده أيضًا عند البديعيين والصوفيين والمنطقيين وغيرهم من أصحاب العلوم. وهكذا استخدمت الكلمة القديمة "جمع" استخداما اصطلاحيا متنوعًا.

ولنقف قليلا عند كلمة "الجامعة". فهذه الكلمة استخدمت كما يخبر


١ انظر مادة "جمع" في كشاف اصطلاحات الفنون "ط القاهرة ١٩٦٣٠" ١/ ٣٣–٣٤٣.

<<  <   >  >>