دوزي عن أبي الفداء بمعنى اللقاء، ثم أفرد لها التهانوي في "كشاف اصطلاحات الفنون" عرضها مسهبا، وتحدث عن مفهوم "الاجتماع" عند المنجمين وعند علماء الكلام وكذلك عند النحاة، فلكل علم مصطلحه ... وإذا قلنا اليوم كلمة "الاجتماع" تبادر إلى الذهن اجتماع مجموعة من الناس في مكان ما أو اجتماعهم على شيء، وربما تذكر البعض "علم الاجتماع" هذا العلم الجديد الذي استعان بالكلمة القديمة ليسمى نفسه في العربية، وربما خطر في ذهن أحد القراء وزارة الشئون الاجتماعية ... فكلمة اجتماعية من اجتماعي، والأخيرة من اجتماع، وربما تذكرنا المساواة الاجتماعية أو العلاوة الاجتماعية، كل هذا من الكلمة التي لم تكن تعرفها لغة البدو حتى القرن الثاني، وهل كان لمجتمع البداوة أن يعرف العلاوة الاجتماعية أو علم الاجتماع أو اجتماع الساكنين عند النحاة!
ولعل من غير المتصور أن يتحدث اليوم مثقف عربي دون أن يستخدم كلمة "مجتمع"، ولكن هذه الكلمة لم يعرفها اللسان، وأقدم استخدام نعرفه لها هو ما سجله دوزي نقلًا عن الجغرافي الصقلي المشهور الإدريسي، وربما كان الإدريسي أول من عرف هذه الكلمة التي أصبحت في العصر الحديث مصطلحًا مهما. وشبيه بهذه كلمة "مجتمع"، نتحدث اليوم عن المجمع العلمي والمجمع اللغوي، فهل عرفت لغة البادية هذه الكلمة؟ نعم لقد عرفتها ولكن بمعنى الجمع من الناس ونقطة الالتقاء وموضع الاجتماع، وهذه المعاني القديمة أصل للاستخدام الحديث.
وفوق هذا وذاك فنحن نعرف اليوم كلمة "المجموع" كاسم قائم برأسه وكذلك كلمة "المجموعة" كاسم آخر، ولكن الكلمة عرفت قديمًا، فالمجموع في اللسان ما جمع من هنا وهناك وإن لم يجعل كالشيء الواحد، ولكن كلمة المجموعة لم تعرف قديمًا كاسم قائم بذاته بل كصفة، ولنقرأ أمثلة دوزي:"قرية مجموعة عامرة" بليدة مجموعة أي زاخرة بالسكان، ولكن الكلمة.