الحضارة الإسلامية، فقد كان الاشتغال بعلوم اللغة أداة لفهم العلوم الدينية، ولم تكن فكرة استقلال كل علم واردة في فكر العصور الوسطى ولم يكن الهدف العلمي واضحا في تصنيف العلوم.
ولكن التقدم العلمي في العصر الحديث أدى إلى اتساع مجالات المعرفة عند الإنسان وفرض التخصص على من يريد المشاركة في البحث العلمي، وهنا أخذ علم اللغة يستقل بنفسه شأنه في هذا شأن فروع المعرفة الأخرى، وإذا كان ثمة ضرورة لتصنيف العلوم في العصر الحديث فإن علم اللغة يشغل في التصنيف العشري لديوي١ مكانًا وسطًا بين علم الاجتماع والعلوم الطبيعية. وفي هذا إدراك واضح لمكان علم اللغة الحديث بين العلوم والمعارف الحديثة.
لم يعد علم اللغة مجرد وسيلة لفهم النصوص الدينية أو أداة لفهم النقوش القديمة فحسب، بل له أيضا أهدافه العلمية العامة بجانب الأهداف التطبيقية الكثيرة. فعلم اللغة علم أساسي بمعنى أنه يحاول- مثل باقي العلوم الأساسية الأخرى- كشف جوانب موضوعه بأدق المناهح العلمية. أما الأهداف التطبيقية مثل الإفادة من نتائج علم اللغة في تعليم اللغات والتخطيط اللغوي فتأتي ثمرة طبيعية للدراسات الأساسية، ولكن علم اللغة لا يهدف بطريقة مباشرة نحو هذه القضايا التطبيقية، وهذا أيضا شأن كل فروع المعرفة العلمية.
لقد أصبح علم اللغة علمًا مستقلا هدفه الأساسي بحث كل جوانب اللغة والحياة اللغوية في العالم. ويقدم علم اللغة هذه النتائج، فتكون متاحة لعدة تخصصات وعلوم تستفيد من علم اللغة ومن غيره. وما أكثر العلوم التي تتعامل.