للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأندلسيين كانوا يستخدمون مصطلح العربية في الوقت الذي كان فيه المشارقة يميلون إلى مصطلح النحو.

ظل النحو عند المشارقة أو علم العربية عند المغاربة يضم الدراسات الخاصة ببنية اللغة من جوانبها المختلفة. وعندما ألف المازني، ت ٣٤٩هـ، كتابه التصريف لم يكن البحث في بناء الكلمة إلا جزءًا من النحو بالمعنى الشامل. لم يضع سيبويه اصطلاحًا مستقلا للعلم الذي يبحث بناء الكلمة، ويبدو أن المازني من أوائل من خصصوا للأبنية الصرفية كتبًا مستقلة، وكتابه "التصريف" أقدم كتاب مستقل كامل وصل إلينا في الأبنية الصرفية، وقد حدد ابن جني، ت ٣٩١هـ، مجال البحث في التصريف بأنه معرفة أصول كلام العرب من الزوائد الداخلة عليه وأن التصريف هو الأساس الذي تقوم عليه معرفة الاشتقاق١، ولم يكن التصريف عند ابن جني إلا جزءا من النحو، وألف ابن عصفور الأندلسي، ت ٦٩٩هـ، في بنية الكلمة كتابه "الممتع في التصريف"، والتصريف عنده جزء من البحث في علم اللغة٢، وصرح الاستراباذي، ت ٦٨٨هـ، بأن التصريف جزء من أجزاء النحو بلا خلاف من أهل الصناعة٣.

أما مصطلح الصرف الذي استقر في الاستخدام المدرسي بعد ذلك فهو اصطلاح متأخر نسبيا. فالسكاكي، ت ٦١٧هـ، استخدم مصطلح الصرف في حديثه عن الأحكام الخاصة ببنية الكلمة٤، وبهذا المعنى ذكر طاشكبري زاده علم الصرف٥. ويلاحظ عند هؤلاء المؤلفين المتأخرين أن الصرف عندهم ليس جزءا من النحو، بل هو قسيم النحو. وهكذا استقر مجال عالم النحو عندهم باعتبار أنه دراسة الإعراب وبناء الجملة في مقابل الصرف الذي يتناول بنية الكلمة.


١ انظر المنصف شرح التصريف ١/ ٢.
٢ الممتع ١/ ٢٧.
٣ شرح الشافية "تحقيق: محيي الدين، القاهرة ١٩٣٩، ١/ ٦.
٤ مفتاح العلوم للساسكي ص٣، وأحمد مطلوب: البلاغة عند الساسكي، بغداد ١٩٦٤ ص٦٥.
٥ مفتاح السعادة ١/ ٩٩.

<<  <   >  >>