[الاستفادة من معرفة أسباب النزول في مجال التربية والتعليم]
يعاني المربون في مجال الحياة التعليمية كثيرًا من المتاعب في استخدام الوسائل التربوية لإثارة انتباه الطلاب حتى تتهيأ نفوسهم للدرس في شوق يستجمع قواهم العقلية ويرغبهم في الاستماع والمتابعة، والمرحلة التمهيدية من مراحل الدرس تحتاج إلى فطنة لماحة تعين المدرس على اجتذاب مشاعر الطلاب لدرسه بشتى الوسائل المناسبة، كما تحتاج إلى ممارسة طويلة تُكسبه خبرة في حسن اختيار الربط بين معلوماتهم دون تعسف يكلفه شططًا.
وكما تهدف المرحلة التمهيدية في الدرس إلى إثارة انتباه الطلاب واجتذاب مشاعرهم فإنها تهدف كذلك إلى التصور الكلي للموضوع، كي يسهل على المدرس أن ينتقل بطلابه من الكلي للجزئي إلى أن يستوعب عناصر الدرس تفصيلًا بعد أن تصوره طلابه جملة.
ومعرفة أسباب النزول هي السبيل الأفضل لتحقيق تلك الأهداف التربوية في دراسة القرآن الكريم تلاوة وتفسيرًا.
إن سبب النزول إما أن يكون قصة لحادثة وقعت، وإما أن يكون سؤالًا طُرِحَ على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لاستكشاف حكم في موضوع، فينزل القرآن إثر الحادثة أو السؤال، فلن يجد المدرس نفسه في حاجة لمعالجة التمهيد للدرس بشيء يبتكره ويختاره، إذ إنه إذا ساق سبب النزول كانت قصته كافية في إثارة انتباه الطلاب، واجتذاب مشاعرهم، واستجماع قواهم العقلية، وتهيئة نفوسهم لتقبل الدرس، وتشويقهم للاستماع إليه، وترغيبهم في الحرص عليه، فهم يتصورون الدرس بمعرفة سبب النزول تصورًا عامًّا بما فيه من عناصر القصة المثيرة، فتتوق نفوسهم إلى معرفة ما نزل ملائمًا له وما يتضمنه من أسرار تشريعية وأحكام تفصيلية، تهدي الإنسانية إلى نهج الحياة الأقوم، وصراطها المستقيم، وسبيل عزها ومجدها وسعادتها.