للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوقف والابتداء ١:

لمعرفة الوقف والابتداء أهمية كبرى في كيفية أداء القرآن حفاظًا على سلامة معاني الآيات. وبُعدًا عن اللَّبس والوقوع في الخطأ. وهذا يحتاج إلى دراية بعلوم العربية، وعلم القراءات، وتفسير القرآن، حتى لا يفسد المعنى. ولهذا أمثلته:

فيجب الوقف مثلًا على قوله تعالى: {وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا} ٢, ثم يبتدئ: {قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ} ٣, لئلا يتوهم أن قوله: "قيمًا" صفة لقوله "عوجًا" إذ العوج لا يكون قيمًا.

وعلى ما آخره هاء سكت في مثل قوله تعالى: {يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ, وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ} ٤, وقوله: {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ, هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} ٥, فإنك في غير القرآن تثبت هذه الهاء إذا وقفت، وتحذفها إذا وصلت، وهي مكتوبة في المصحف بـ "الهاء"، فلا يوصل، لأنه يلزم في حكم العربية إسقاط "الهاء" في الوصل. فإثباتها إذا وصلت مخالفة للعربية، وحذفها مخالفة للمصحف، وفي الوقف عليها اتباع للمصحف والعربية معًا. وجواز الوصل بـ "الهاء" إنما يكون على نية الوقف.

ويجب الوقف مثلًا على قوله: {وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ} ٦، ثم يبتدئ: {إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} ٦, كي يستقيم المعنى، لأنه إذا وصل أوهم هذا أن القول الذي يحزنه هو قولهم: {إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} وليس كذلك.

ولا شك أن معرفة الوقف والابتداء لها فائدتها في فهم المعاني وتدبر


١ أفرده بالتأليف جماعة، منهم: ابن النحاس، وابن عباد، والداني، وانظر "البرهان" للزركشي جـ١ ص٣٤٢.
٢ الكهف: ١.
٣ الكهف: ٢.
٤ الحاقة: ٢٥، ٢٦.
٥ الحاقة: ٢٨، ٢٩.
٦ يونس: ٦٥.

<<  <   >  >>