للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ترجمة القرآن]

[مدخل]

...

٢٢- ترجمة القرآن:

يتوقف نجاح الدعوة إلى حد كبير على التقارب بين الداعية وأمته. فالداعية الذي ينبت من صميم البيئة يكون على دراية كاملة بمسالك الغواية ودروب الجهالة التي يغشاها قومه. يعرف نفوسهم والأبواب التي يطرقها منها حتى تتفتح لتعاليم دعوته، وتهتدي بهداها، والتخاطب بينهما بلسان واحد رمز للتجانس الاجتماعي في جميع صوره، وفي هذا يقول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} ١.

وقد نزل القرآن الكريم على الرسول العربي بلسان عربي مبين، فكانت هذه الظاهرة ضرورة اجتماعية لنجاح رسالة الإسلام، ومنذ ذلك الحين أصبحت اللغة العربية جزءًا من كيان الإسلام، وأساسًا للتخاطب في إبلاغ دعوته. وكانت بعثة رسولنا -صلى الله عليه وسلم- إلى الإنسانية كلها. وأعلن ذلك القرآن في غير موضع: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً} ٢. {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً} ٣.

ونشأت نواة الدولة الإسلامية في جزيرة العرب، ولا شك أن اللغة تحيا بحياة أمتها وتموت بموتها، فكانت نشأة الدولة الإسلامية على هذا النحو حياة للغة العرب، فالقرآن وحي الإسلام، والإسلام دين الله المفروض، ولن يتأتى معرفة أصوله وأسسه إلا إذا فُهِمَ القرآن بلغته، فأخذت موجة الفتح الإسلامي تمتد إلى الألسنة الأخرى الأعجمية، فتعربها بالإسلام، وصار لزامًا على كل


١ إبراهيم: ٤.
٢ الأعراف: ١٥٨.
٣ سبأ: ٢٨.

<<  <   >  >>