للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما يُعْتَمد عليه في معرفة سبب النزول:

والعلماء يعتمدون في معرفة سبب النزول على صحة الرواية عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو عن الصحابة، فإن إخبار الصحابي عن مثل هذا إذا كان صريحًا لا يكون بالرأي، بل يكون له حكم المرفوع، قال الواحدي: "لا يحل القول في أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل، ووقفوا على الأسباب، وبحثوا عن علمها وجدُّوا في الطلب" وهذا هو نهج علماء السَّلف، فقد كانوا يتورعون عن أن يقولوا شيئًا في ذلك دون تثبت، قال "محمد بن سيرين"١: سألت "عبيدة"٢ عن آية من القرآن فقال: اتق الله وقل سدادًا، ذهب الذين يعلمون فيما أنزل الله من القرآن، وهو يعني الصحابة، وإذا كان هذا هو قول "ابن سيرين" من أعلام علماء التابعين تحريًّا للرواية، ودقة في النقل، فإنه يدل على وجوب الوقوف عند أسباب النزول الصحيحة، ولذا فإن المعتمد من ذلك فيما رُوِي من أقوال الصحابة ما كانت صيغته جارية مجرى المسند، بحيث تكون هذه الصيغة جازمة بأنها سبب النزول.

وذهب "السيوطي" إلى أن قول التابعي إذا كان صريحًا في سبب النزول فإنه يُقْبَل، ويكون مُرسلًا، إذا صح المُسْنَد إليه وكان من أئمة التفسير الذين


١ تابعي من علماء البصرة، اشتهر بعلوم الحديث، وتعبير الرؤيا، وتوفي سنة ١١٠ هجرية.
٢ هو عَبيدة بالفتح- بن عمرو السلماني، أسلم قبل وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بسنتين ولم يلقه، وكان ابن سيرين من أروى الناس عنه.

<<  <   >  >>