للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[النسخ إلى بدل وإلى غير بدل]

والنسخ يكون إلى بدل وإلى غير بدل - والنسخ إلى بدل: إما إلى بدل أخف، وإما إلى بدل مماثل، وإما إلى بدل أثقل:

١- فالنسخ إلى غير بدل: كنسخ الصدقة بين يدي نجوى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} ١، نُسِخَت بقوله: {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} ٢.

وأنكر بعض المعتزلة والظاهرية ذلك، وقالوا: إن النسخ بغير بدل لا يجوز شرعًا، لأن الله تعالى يقول: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} ٣, حيث أفادت الآية أنه لا بد أن يؤتى مكان الحكم المنسوخ بحكم آخر خير منه مثله.

ويُجاب عن ذلك: بأن الله تعالى إذا نسخ حكم الآية بغير بدل فإن هذا يكون بمقتضى حكمته، رعاية لمصلحة عباده، فيكون عدم الحكم خيرًا من ذلك الحكم المنسوخ في نفعه للناس، ويصح حينئذ أن يُقال: إن الله نسخ حكم الآية السابقة بما هو خير منها حيث كان عدم الحكم خيرًا للناس.

٢- والنسخ إلى بدل أخف: يمثلون له بقوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} ٤.. الآية - فهي ناسخة لقوله: {كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} ٥؛ لأن مقتضاها الموافقة لما كان عليه


١ المجادلة: ١٢.
٢ المجادلة: ١٣.
٣ البقرة: ١٠٦.
٤ البقرة: ١٨٧.
٥ البقرة: ١٨٣.

<<  <   >  >>