للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[القراءة في الصلاة بغير العربية]

[مدخل]

...

[القراءة في الصلاة بغير العربية]

يختلف العلماء في القراءة في الصلاة بغير العربية إلى مذهبين:

أحدهما: الجواز مطلقًا أو عند العجز عن النطق بالعربية.

وثانيهما: أن ذلك محظور، والصلاة بهذه القراءة غير صحيحة.

والمذهب الأول هو مذهب الأحناف، فإنه يُروى عن أبي حنيفة أنه كان يرى جواز القراءة في الصلاة باللغة الفارسية، وبنى على هذا بعض أصحابه جوازها بالتركية والهندية وغيرها من الألسنة، ولعلهم يرون في ذلك أن القرآن اسم للمعاني التي تدل عليها الألفاظ العربية. والمعاني لا تختلف باختلاف ما قد يتعاقب عليها من الألفاظ واللغات.

وقيد الصاحبان: أبو يوسف ومحمد بن الحسن. هذا بما تدعو إليه الضرورة. فأجازا للعاجز عن العربية القراءة في الصلاة باللسان الأعجمي دون القادر على القراءة بها، قال في "معراج الدراية": "إنما جوزنا القراءة بترجمة القرآن للعاجز إذا لم يخل بالمعنى؛ لأنه قرآن من وجه باعتبار اشتماله على المعنى، فالإتيان به أولى من الترك مطلقًا، إذ التكليف بحسب الوسع".

ويُروى أن أبا حنيفة رجع عن الإطلاق الذي نُقِل عنه.

والمذهب الثاني هو ما عليه الجمهور، فقد منع المالكية والشافعية والحنابلة القراءة بترجمة القرآن في الصلاة، سواء أكان المصلي قادرًا على العربية أم عاجزًا؛ لأن ترجمة القرآن ليست قرآنًا، إذ القرآن هو النظم المُعجز الذي هو كلام الله، والذي وصفه تعالى بكونه عربيًّا، وبالترجمة يزول الإعجاز، وليست الترجمة كلام الله.

قال القاضي أبو بكر بن العربي –وهو من فقهاء المالكية- في تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيّاً لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} ١. قال علماؤنا: هذا يُبطل قول أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه،


١ فصلت: ٤٤.

<<  <   >  >>