منها، وبهذا تكون ترجمة للعقيدة الإسلامية ومبادئ الشريعة كما تُفهم من القرآن.
وإذا كان إبلاغ الدعوة من واجبات الإسلام فإن ما يتوقف على هذا البلاغ من دراسة اللغات ونقل أصول الإسلام إليها واجب كذلك. كما أن معرفتنا لهذه اللغات بالقدر الضروري تمكننا من دراسة كتبها للرد على المبشرين والمستشرقين الذين غمزوا عود الإسلام من بعيد أو قريب، وهذا هو ما عناه شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه "العقل والنقل" عندما قال: "وأما مخاطبة أهل الاصطلاح باصطلاحهم ولغتهم فليس بمكروه إذا احتيج إلى ذلك، وكانت المعاني صحيحة - كمخاطبة العجم من الروم والفرس والترك بلغتهم وعرفهم، فإن هذا جائز حسن للحاجة، وإنما كرهه الأئمة إذا لم يحتج إليه" ثم قال: "ولذلك يترجم القرآن والحديث لمن يحتاج إلى تفهمه إياه بالترجمة، وكذلك يقرأ المسلم ما يحتاج إليه من كتب الأمم وكلامهم بلغتهم، ويترجم بالعربية، كما أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- زيد بن ثابت أن يتعلم كتاب اليهود ليقرأ له ويكتب له ذلك. حيث لم يأتمن اليهود عليه".
وإذا كانت الترجمة بمعناها الحقيقي ولو للمعاني الأصلية لا تتيسر في جميع آيات القرآن. وإنما المتيسر الترجمة على معنى التفسير, كان من الضروري إشعار القارئ بذلك، ومن وسائله كتابة جمل في حواشي الصحائف يبيِّن بها أن هذا أحد وجوه -أو أرجح وجوه- تحتملها الآية "ولو قامت جماعة ذات نيات صالحة وعقول راجحة. وتولت نقل تفسير القرآن إلى بعض اللغات الأجنبية، وهي على بينة من مقاصده - وعلى رسوخ في معرفة تلك اللغات، وتحامت الوجوه التي دخل منها الخلل في التراجم السائرة اليوم في أوروبا لفتحت لدعوة الحق سبيلًا كانت مقفلة. ونشرت الحنيفية السمحة في بلاد طافحة بالغواية قاتمة"١.