والتأويل المذموم بمعنى: صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن به, إنما لجأ إليه كثير من المتأخرين مبالغة منهم في تنزيه الله تعالى عن مماثلته للمخلوقين كما يزعمون. وهذا زعم باطل أوقعهم في مثل ما هربوا منه أو أشد، فهم حين يؤولون اليد بالقدرة مثلًا إنما قصدوا الفرار من أن يثبتوا للخالق يدًا لأن للمخلوقين يدًا، فاشتبه عليهم لفظ اليد فأولوها بالقدرة. وذلك تناقض منهم. لأنهم يلزمهم في المعنى الذي أثبتوه نظير ما زعموا أنه يلزم في المعنى الذي نفوه، لأن العباد لهم قدرة أيضًا. فإن كان ما أثبتوه من القدرة حقُّا ممكنًا كان إثبات اليد لله حقُّا ممكنًا أيضًا، وإن كان إثبات اليد باطلًا ممتنعًا لما يلزمه من التشبيه في زعمهم كان إثبات القدرة باطلًا ممتنعًا كذلك. فلا يجوز أن يقال: إن هذا اللفظ مؤول بمعنى أنه مصروف عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح.
وما جاء عن أئمة السلف وغيرهم من ذم للمتأولين إنما هو لمثل هؤلاء الذين تأولوا ما يشتبه عليهم معناه على غير تأويله وإن كان لا يشتبه على غيرهم.