للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبين نزول القرآن في مطلع الوحي بالقراءة والتعليم بأداة الكتابة: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ, خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ, اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ, الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ, عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} ١, ونزول آيات الربا والمواريث في نظام المال، أو نزول آيات القتال في المفاصلة التامة بين الإسلام والشرك - بين ذاك وهذا مراحل تربوية كثيرة لها أساليبها التي تلائم مستوى المجتمع الإسلامي في تدرجه من الضعف إلى القوة، ومن القوة إلى شدة البأس.

والمنهج الدراسي الذي لا يُراعى فيه المستوى الذهني للطلاب في كل مرحلة من مراحل التعليم وبناء جزئيات العلوم على كلياتها والانتقال من الإجمال إلى التفصيل، أو لا يراعي تنمية جوانب الشخصية العقلية والنفسية والجسمية منهج فاشل لا تجني منه الأمة ثمرة علمية سوى الجمود والتخلف.

والمدرس الذي لا يعطي طلابه القدر المناسب من المادة العلمية فيُثْقِل كاهلهم ويحملهم ما لا يطيقون حفظًا أو فهمًا أو يحدثهم بما لا يدركون، أو لا يراعي حالهم في علاج ما يعرض لهم من شذوذ خُلُقي أو يفشو من عادات سيئة، فيقسو ويتعسف، ويأخذ الأمر دون أناة وروية، وتدرج وحكمة - المدرس الذي يفعل ذلك مدرس فاشل كذلك. يُحوِّل العملية التعليمية إلى متاهات موحشة، ويجعل غرف الدراسة قاعات منفرة.

وقِسْ على هذا الكتاب المدرسي، فالكتاب الذي لا تنتظم موضوعاته وفصوله، ولا تتدرج معلوماته من السهل إلى الصعب، ولا تترتب جزئياته ترتيبًا محكمًا منسقًا، ولا يكون أسلوبه واضحًا في أداء المعنى المقصود، كتاب ينفر الطالب من قراءته، ويحرمه من الاستفادة منه.

والهَدْي الإلهي في حكمة نزول القرآن مُنَجَّمًا هو الأسوة الحسنة في صياغة مناهج التعليم, والأخذ بأمثل الطرق في الأساليب التربوية بقاعة الدرس، وتأليف الكتاب المدرسي.


١ العلق: ١-٥.

<<  <   >  >>