للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أخذت على يديه، وحكمت الدابة وأحكمتها: إذا جعلت لها حكمة: وهي ما أحاط بالحنك من اللجام لأنها تمنع الكرس عن الاضطراب، ومنه الحكمة: لأنها تمنع صاحبها عما لا يليق، وإحكام الشيء: إتقانه، والمحكم: المتقن.

فإحكام الكلام: إتقانه بتمييز الصدق من الكذب في أخباره، والرشد من الغي في أوامره، والمُحكم منه: ما كان كذلك.

وقد وصف الله القرآن كله بأنه مُحكم على هذا المعنى فقال: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} ١, وقال: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} ٢, فالقرآن كله محكم: أي إنه كلام متقن فصيح يميز بين الحق والباطل، والصدق والكذب. وهذا هو الإحكام العام.

والمتشابه لغة: مأخوذ من التشابه: وهو أن يشبه أحد الشيئين الآخر، والشبهة: هي ألا يتميز أحد الشيئين من الآخر لما بينهما من التشابه عينًا كان أو معنى، قال تعالى: {وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً} ٣, أي يشبه بعضه بعضًا لونًا لا طعمًا وحقيقة، وقيل: متماثلًا في الكلام والجودة.

وتشابه الكلام: هو تماثله وتناسبه بحيث يُصدِّق بعضه بعضًا، وقد وصف الله القرآن كله بأنه متشابه على هذا المعنى فقال: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِي} ٤, فالقرآن كله متشابه: أي إنه يشبه بعضه بعضًا في الكمال والجودة، ويُصدِّق بعضه بعضًا في المعنى ويماثله، وهذا هو التشابه العام.

وكل من المُحكم والمتشابه بمعناه المطلق المتقدم لا ينافي الآخر، فالقرآن كله مُحكم بمعنى الإتقان، وهو متماثل يُصدِّق بعضه بعضًا، فإن الكلام المُحكم المتقن تتفق معانيه وإن اختلفت ألفاظه، فإذا أمر القرآن بأمر لم يأمر بنقيضه


١ هود: ١.
٢ يونس: ١.
٣ البقرة: ٢٥.
٤ الزمر: ٢٣.

<<  <   >  >>