ويقتضيه، أي وطء أمهاتكم؛ لأن التحريم لا يضاف إلى الأعيان، فوجب لذلك إضمار فعل يتعلق به التحريم وهو الوطء، وهذا النوع يقرب من حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، وهو من باب إيجاز القصر في البلاغة - وسمي "اقتضاء" لاقتضاء الكلام شيئًا زائدًا على اللفظ.
والثاني: وهو دلالة الإشارة - كقوله تعالى:{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} ١, فإنه يدل على صحة صوم من أصبح جنبًا - لأنه يبيح الوطء إلى طلوع الفجر بحيث لا يتسع الوقت للغسل، وهذا يستلزم الإصباح على جنابة، وإباحة سبب الشيء إباحة للشيء نفسه، فإباحة الجِماع إلى آخر جزء من الليل لا يتسع معه الغسل قبل الفجر إباحة للإصباح على جنابة.
وهاتان الدلالتان -الاقتضاء والإشارة- أُخِذَا من المنطوق أيضًا, فهما من أقسام المنطوق، فالمنطوق على هذا يشمل: ١- النص، ٢- والظاهر، ٣- والمؤول، ٤- والاقتضاء، ٥- والإشارة.