للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ب- النوع الثاني: لحن الخطاب: وهو ما ثبت الحكم فيه للمفهوم كثبوته للمنطوق على السواء - كدلالة قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً} ١, على تحريم إحراق أموال اليتامى أو إضاعتها بأي نوع من أنواع التلف؛ لأن هذا مساوٍ للأكل في الإتلاف.

وتسمية هذين بمفهوم الموافقة؛ لأن المسكوت عنه يوافق المنطوق به في الحكم وإن زاد عليه في النوع الأول, وساواه في الثاني والدلالة فيه من قبيل التنبيه بالأدنى على الأعلى، أو بالأعلى على الأدنى، وقد اجتمعا في قوله تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ} ٢، فالجملة الأولى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ} من التنبيه على أنه يؤدي إليك الدينار وما تحته، والجملة الثانية: {وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ} من التنبيه على أنك لا تأمنه بقنطار.

٢- مفهوم المخالفة: هو ما يخالف حكمه المنطوق - وهو أنواع:

أ- مفهوم صفة: والمراد بها الصفة المعنوية، كالمشتق: في قوله تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} ٣, فمفهوم التعبير بـ "فاسق" أن غير الفاسق لا يجب التثبت في خبره، ومعنى هذا أنه يجب قبول خبر الواحد العدل. وقوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} ٤, فهو يدل على انتفاء الحكم في المخطئ؛ لأن تخصيص العمد بوجوب الجزاء به يدل على نفي وجوب الجزاء في قتل الصيد خطأ. وكالعدد في قوله: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} ٥, مفهومه أن الإحرام بالحج في غير أشهره لا يصح, وقوله: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} ٦, مفهومه ألا يجلد أقل أو أكثر.


١ النساء:١٠.
٢ آل عمران: ٧٥.
٣ الحجرات: ٦.
٤ المائدة: ٩٥.
٥ البقرة: ١٩٧.
٦ النور: ٤.

<<  <   >  >>