للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هـ- وذهب جماعة إلى أن القرآن مُعجز لما تضمنه من العلوم المختلفة، والحِكَم البليغة.

وهناك وجوه أخرى للإعجاز تدور في هذا الفلك جمعها بعضهم في عشرة أو أكثر.

والحقيقة أن القرآن معجز بكل ما يتحمله هذا اللفظ من معنى:

فهو مُعْجز في ألفاظه وأسلوبه، والحرف الواحد منه في موضعه من الإعجاز الذي لا يغني عنه غيره في تماسك الكلمة، والكلمة في موضعها من الإعجاز في تماسك الجملة، والجملة في موضعها من الإعجاز في تماسك الآية.

وهو مُعْجز في بيانه ونظمه، يجد فيه القارئ صورة حية للحياة والكون والإنسان.

وهو مُعجز في معانيه التي كشفت الستار عن الحقيقة الإنسانية ورسالتها في الوجود.

وهو مُعجز بعلومه ومعارفه التي أثبت العلم الحديث كثيرًا من حقائقها المغيبة.

وهو مُعجز في تشريعه وصيانته لحقوق الإنسان وتكوين مجتمع مثالي تسعد الدنيا على يديه.

والقرآن -أولًا وآخرًا- هو الذي صير العرب رعاة الشاء والغنم ساسة شعوب وقادة أمم، وهذا وحده إعجاز.

قال الخطابي في كتابه١: "فخرج من هذا أن القرآن إنما صار معجزًا؛ لأنه جاء بأفصح الألفاظ، في أحسن نظوم التأليف، مضمنًا أصح المعاني، من توحيد الله وتنزيهه في صفاته، ودعاء إلى طاعته، وبيان لمنهاج عبادته، في


١ هو أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي، في كتابه "بيان إعجاز القرآن" طبع ضمن ثلاثة رسائل بمطبعة المعارف بتحقيق محمد خلف الله ومحمد زغلول سلام، وانظر "البرهان" للزركشي جـ٢ ص١٠١ وما بعدها.

<<  <   >  >>