للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الزمان المتضمن لمثل هذه الأعمال أهل أن يقسِم الرب عز وجل به. فلا يحتاج إلى جواب، وقيل: الجواب محذوف، أي: لتعذبن يا كفار مكة، وقيل: مذكور، وهو قوله: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَاد} ١, والصحيح المناسب أنه لا يحتاج إلى جواب.

وقد يحذف الجواب لدلالة المذكور عليه، كقوله تعالى: {لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} ٢, فجواب القسم محذوف دل عليه قوله بعد: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ} ٣ ... إلخ، والتقدير، لتبعثن ولتحاسبن.

٣- والماضي المثبت المتصرف الذي لم يتقدم معموله إذا وقع جوابًا للقسم تلزمه اللام و"قد"، ولا يجوز الاقتصار على إحداهما إلا عند طول الكلام. كقوله تعالى: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا، وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا، وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا، وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا، وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا، وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا، وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} ٤, فجواب القسم: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} حذفت من اللام لطول الكلام.

ولذلك قالوا في قوله تعالى: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ} ٥: إن الأحسن أن يكون هذا القسم مستغنيًا عن الجواب؛ لأن القصد التنبيه على المقسَم به، وأنه من آيات الرب العظيمة، وقيل: الجواب محذوف دل عليه: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ} أي إنهم ملعونون، يعني كفار مكة كما لعن أصحاب الأخدود، وقيل: حذف صدره، وتقديره: لقد قتل؛ لأن الفعل الماضي إذا وقع جوابًا للقسم تلزمه اللام و"قد"، ولا يجوز الاقتصار على إحداهما إلا عند طول الكلام، كما سبق في قوله تعالى: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} ، {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} .


١ الفجر: ١٤.
٢ القيامة: ١، ٢.
٣ القيامة: ٣.
٤ الشمس: ١-٩.
٥ البروج: ١-٤.

<<  <   >  >>