للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أقوال، مع أن الوارد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وجميع الصحابة والتابعين ليس غير اليهود والنصارى، حتى قال ابن أبي حاتم: لا أعلم في ذلك اختلافًا من المفسِّرين.

٨- صنف بعد ذلك قوم برعوا في شيء من العلوم. منهم من ملأ كتابه بما غلب على طبعه من الفن، واقتصر فيه على ما تَمَهَّر هو فيه، كأن القرآن أنزل لأجل هذا العلم لا غير، مع أن فيه تبيان كل شيء.

فالنحوي نراه ليس له هم إلا الإعراب وتكثير أوجهه المحتملة فيه، وإن كانت بعيدة وينقل قواعد النحو ومسائله وفروعه وخلافياته كأبي حيان في البحر والنهر.

والإخباري همه القصص واستيفاؤه، والإخبار عمن سلف سواء أكانت صحيحة أو باطله. ومنهم الثعالبي.

والفقيه يكاد يسرد فيه الفقه جميعًا، وربما استطرد إلى إقامة أدلة الفروع الفقهية التي لا تعلق لها بالآية أصلًا والجواب على أدلة المخالفين، كالقرطبي.

وصاحب العلوم العقلية، خصوصًا الإمام فخر الدين الرازي، قد ملأ تفسيره بأقوال الحكماء والفلاسفة، وخرج من شيء إلى شيء، حتى يقضي الناظر العجب من عدم مطابقة المورد للآية. قال أبو حيان في البحر: جمع الإمام الرازي في تفسيره أشياء كثيرة طويلة لا حاجة بها في علم التفسير ولذلك قال بعض العلماء: فيه كل شيء إلا التفسير.

والمبتدع ليس له قصد إلا تحريف الآيات وتسويتها على مذهبه الفاسد بحيث أنه لو لاح له شاردة من بعيد اقتنصها، أو وجد موضعًا له فيه أدنى مجال سَارَعَ إليه، كما نُقِل عن البلقيني أنه قال: استخرجت من الكشاف اعتزالًا بالمناقيش، منها أنه قال في قوله سبحانه وتعالى: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} ١، أي فوز أعظم من دخوله الجنة؟ أشار به إلى عدم الرؤية.

وهكذا الشأن بالنسبة إلى الملحدين وغيرهم.


١ آل عمران: ١٨٥.

<<  <   >  >>