للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد اشتمل القرآن على كثير مما جاء في التوراة والإنجيل ولا سيما ما يتعلق بقصص الأنبياء وأخبار الأمم، ولكن القصص القرآني يجمل القول مستهدفًا مواطن العبرة والعظة دون ذكر للتفاصيل الجزئية كتاريخ الوقائع، وأسماء البلدان والأشخاص، أما التوراة فإنها تتعرض مع شروحها للتفاصيل والجزئيات، وكذلك الإنجيل.

وحيث دخل أهل الكتاب في الإسلام فقد حملوا معهم ثقافتهم الدينية من الأخبار والقصص الديني، وهؤلاء حين يقرءون قصص القرآن قد يتعرضون لذكر التفصيلات الواردة في كتبهم، وكان الصحابة يتوقفون إزاء ما يسمعون من ذلك، امتثالًا لقول رسول الله, صلى الله عليه وسلم: "لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا" ١, وقد يدور حوار بينهم وبين أهل الكتاب في شيء من تلك الجزئيات، ويقبل الصحابة بعض ذلك ما دام لا يتعلق بالعقيدة ولا يتصل بالأحكام، ثم يتحدثون به، لما فهموه من الإباحة في قوله, صلى الله عليه وسلم: "بلِّغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار" ٢. أي حدِّثوا عن بني إسرائيل بما لا تعلمون كذبه، أما ما جاء في الحديث الأول: "لا تُصدقوا أهل الكتاب ولا تُكذبوهم" فهو محمول على ما إذا كان ما يخبرون به محتملًا؛ لأن يكون صدقًا، ولأن يكون كذبًا، فلا تعارض بين الحديثين.

تلك الأخبار التي تحدث بها أهل الكتاب الذين دخلوا في الإسلام هي التي يُطلق عليها الإسرائيليات من باب التغليب للجانب اليهودي على الجانب النصراني، حيث كان النقل عن اليهود أكثر لشدة اختلاطهم بالمسلمين منذ بدأ ظهور الإسلام. وكانت الهجرة إلى المدينة.

ولم يأخذ الصحابة عن أهل الكتاب شيئًا في تفسير القرآن من الأخبار الجزئية سوى القليل النادر. فلما جاء عهد التابعين وكثر الذين دخلوا في الإسلام من


١ أخرجه البخاري.
٢ أخرجه البخاري.

<<  <   >  >>